الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ }.

الأبرار: الذين بروا، وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض الله تعالى، واجتناب معاصيه.

فصل في ذكر أحوال العالمين

لما وصف تعالى الكرام الكاتبين لأعمال العباد، ذكر أحوال العالمين، وقسمهم قسمين، فقال تعالى: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } وهو نعيم الجنَّة، { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } وهو النَّار، وهذا تهديد عظيم للعُصاةِ، وهذا التقسيم كقوله تعالى:فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [الشورى: 7].

قوله: { يَصْلَوْنَهَا }: يجوز فيه أن يكون حالاً من الضمير في الجار، لوقوعه خبراً، وأن يكون مستأنفاً.

وقرأ العامة: " يَصْلونهَا " مخففاً مبنياً للفاعل وتقدم مثله.

ومعنى { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } يدخلونها يوم القيامة.

{ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } أي: ليسُوا غائبين عن استحقاق الكون في الجحيم، ثم عظَّم ذلك اليوم فقال: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } ثم كرره تعجيباً لشأنه، فقال: { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ }.

وقال ابن عباس: كلُّ ما في القرآن من قوله: " وما أدراك " فقد أدراه، وكل شيء من قوله: " وما يدريك " فقد طوي عنه.

قوله: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ }.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو: برفع " يومُ " على أنَّه خبر مبتدأ مضمر, أي: هو يوم.

وجوز الزمخشريُّ: أن يكون بدلاً مما قبله يعني قوله: " يوم الدَِّين ".

وقرأ أبو عمرو في رواية: " يومٌ ": مرفوعاً منوناً على قطعه عن الإضافة، وجعل الجملة نعتاً له، والعائد محذوف، أي: لا تملك فيه.

وقرأ الباقون: " يوم " بالفتح.

فقيل: هي فتحة إعراب، ونصبه بإضمار أعني، أو يتجاوزون، أو بإضمار اذكر، فيكون مفعولاً به، وعلى رأي الكوفيين يكون خبراً لمبتدأ مضمر، وإنَّما بني لإضافته للفعل وإن كان معرباً، كقوله تعالى:هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ } [المائدة: 119].

قال الزجاج: يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه يبنى على الفتح؛ لإضافته إلى قوله تعالى: { لاَ تَمْلِكُ } ، وما أضيف إلى غير المتمكن، فقد يبنى على الفتح، وإن كان في موضع رفع، أو جرٍّ كما قال: [المنسرح]
5125- لَمْ يَمْنَعِ الشُّربَ غير أن نَطقتْ   حَمامَةٌ ……......………..
قال الواحدي: والذي ذكره الزجاج من البناء على الفتح، إنَّما يجوز عند الخليل وسيبويه إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي؛ نحو قوله: [الطويل]
5126- عَلَـى حِيـنَ عَاتَبْـتُ...….   …………………….
البيت: أمَّا مع الفعل المستقبل، فلا يجوز البناء عندهم، ويجوز البناء في قول الكوفيين.

قال ابن الخطيب: وذكر أبو عليٍّ أنَّه منصوبٌ على الظرفية؛ لأن اليوم لما جرى في أكثر الأمر ظرفاً، فنزل على حالة الأكثرية، والدليلُ عليه إجماع القراء في قوله تعالى:مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } [الأعراف: 168]، ولا يدفع ذلك أحد، ومما يقوِّي النصب قوله تعالى:

السابقالتالي
2