قوله تعالى: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } أي: قد جاءك وبلغك، وهذه تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: أنَّ فرعون كان أقوى من كفار عصرك، ثُمَّ أخذناه, وكذلك هؤلاء. وقيل: " هَلْ " بمعنى: " ما " أي: ما أتاك، ولكِّي أخبرك به، فإنَّ فيه عِبْرَةً لمن يخشى. وقال ابنُ الخطيبِ: قوله: " هَلْ أتَاكَ " يحتملُ أن يكون معناه: أليْسَ قَدْ أتَاكَ حديثُ موسى، هذا إن كان قد أتاه ذلك قبل هذا الكلام، أمَّا إن لم يكن قد أتاه، فقد يجوز أن يقال: " هَلْ أتَاكَ " أي: أنا أخبرك وتقدم الكلام على موسى وفرعون فإنَّ فيه عبرة لمن يخشى. قوله: { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ } منصوب بـ " حديث " لا بـ " أتاك "؛ لاختلاف وقتيهما، وتقدم الخلاف بين القراء في " طُوَى " في سورة [طه: 12]. و " الوادي المقدس ": المُبَاركُ المُطَهَّر. قال الفراء: " طُوى " واد بين " المدينة " و " مصر " ، قال: وهو معدولٌ، من " طاو " ، كما عدل " عُمَرُ " من " عامر ". قال الفراء: مَنْ صرفه قال: هو ذكر، ومن لم يصرفه جعله معدولاً كـ " عمر، وزفر ". قال: " والصَّرفُ أحبُّ إليَّ إذا لم أجد في المعدول نظيراً " أي: لم أجد له اسماً من الواو والياء عدلَ من " فاعل " إلى " فُعَل " غير طُوى. وقيل: " طوى " معناه: يا رجل، بالعبْرَانيَّةِ، فكأنَّه قيل: اذهب يا رجل إلى فرعون، [قاله ابن عباس. وقيل: الطوى: أي: ناداه بعد طويّ من الليل اذهب إلى فرعون]؛ لأنك تقول: جئتك بعد طويّ، أي بعد ساعة من الليل. وقيل: معناه " بالوَادِ المُقدَّسِ طُوى " أي بُورِكَ فيهِ مرَّتيْنِ. قوله: { ٱذْهَبْ } يجوز أن يكون تفسيراً للنداء، ناداه اذهب، ويجوز أن يكون على إضمار القول. وقيل: هو على حذف، أي: أن اذهب، ويدل له قراءة عبد الله: أن اذهب. و " أن " هذه الظَّاهرة أو المقدرة، يحتملُ أن تكون تفسيرية، وأن تكون مصدرية، أي: ناداه ربُّه بكذا. " اذهب إلى فرعون إنه طغى " أي تجاوز القدر في العصيان. قال ابنُ الخطيب: ولم يُبيِّنُ أنَّه طغَى في أيِّ شيءٍ. فقيل: تكبَّر على الله تعالى، وكفر به. وقيل: تكبَّر على الخلقِ واسْتعبَدهُمْ. روي عن الحسن قال: كان فرعون علجاً من " همدان ". وقال مجاهد: كان من أهل " إصطخر " وعن الحسن - أيضاً - كان من أهل " أصبهان " ، يقال له: ذو ظفر، طوله أربعة أشبارٍ.