قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ }. منصوب على الظرف، إمَّا بـ " لا يَتكلَّمُونَ " بعده، وإمَّا بـ " لا يَمْلِكُونَ " و " صفًّاً " حال: أي: مُصطفِّيْنَ، و " لاَ يَتَكلَّمُونَ " إمَّا حال أو مستأنف. فصل في المراد بالروح احتلفوا في الروح. فقال ابن عباس: هو ملك ما خلق الله بعد العرش أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفًّا، وقام الملائكة كلهم صفًّا، ونحوه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: الرُّوح ملك أعظم من السموات السبع والأرضين السبع والجبال. وقيل: جبريل - عليه الصلاة والسلام - قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير. وروى عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الرُّوحُ في هَذِهِ الآيةِ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللهِ لَيْسُوا مَلائِكةً لَهُمْ رُءوسٌ وأيْدٍ وأرْجُلٌ يَأكُلونَ الطَّعام، ثُمَّ قَرَأَ: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } " ، وهذا قول أبي صالح، ومجاهد، وعلي - رضي الله عنهم - وعلى هذا هو خلقٌ على صورة بني آدم كالناس، وليسوا بناس، وما ينزل من السماء ملك إلاَّ ومعه واحد منهم، نقله البغوي. وعن ابن عباس - رضي الله عنه - " هُمْ أرْواحُ النَّاسِ ". وقال مقاتل بن حيان: هُمْ أشراف الملائكة. وقال ابن أبي نجيحٍ: هم حفظة على الملائكة. وقال الحسن وقتادة: هم بنو آدم، والمعنى: ذو الروح. وقال العوفي، والقرظي: هذا ممَّا كان يكتمه ابن عباس. وقيل: أرواح بني آدم تقومُ صفًّا، فتقومُ الملائكةُ صفًّا، وذلك بين النَّفختين قبل أن تردُّ إلى الأجسادِ. قاله عطية. وقال زيد بن أسلم: هو القرآن. وقرأ:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [الشورى: 52]، و { صَفّاً } مصدر؛ أي: يقومون صفوفاً، والمصدر يغني عن الواحد والجمع كالعدل، والصوم، ويقال ليوم العيد: يوم الصف. وقال في موضع آخر سبحانه:{ وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [الفجر: 22]، وهذا يدل على الصفوف، وهذا حين العرض والحساب، قيل: هما صفان. وقيل: يقوم الكلُّ صفًّا واحداً، " لا يتَكلَّمُونَ " أي: لا يشفعون. قوله: { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ } يجوز أن يكون بدلاً من " واو " يتكلَّمون، وهو الأرجح، لكونه غير موجب، وأن يكون منصوباً على أصل الاستثناء. والمعنى: لا يشفعون إلاَّ من أذن لهُ الرحمن في الشفاعة. وقيل: لا يتكلمون إلا في حقِّ من أذنَ له الرحمنُ، وقال صواباً. والمعنى: لا يشفعون إلاَّ في حقِّ شخصٍ أذن الرحمن في شفاعته، وذاك الشخص كان ممن قال صواباً، والمعنى قال صواباً، يعنى: " حقًّا ". قاله الضحاك ومجاهد. وروى الضحاكُ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لا يشفعون إلاَّ لمن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأصل الصَّواب: السداد من القول والفعل، وهو من أصاب يصيب إصابة، كالجواب من أجاب يجيبُ.