الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ }. منصوب على الظرف، إمَّا بـ " لا يَتكلَّمُونَ " بعده، وإمَّا بـ " لا يَمْلِكُونَ " و " صفًّاً " حال: أي: مُصطفِّيْنَ، و " لاَ يَتَكلَّمُونَ " إمَّا حال أو مستأنف.

فصل في المراد بالروح

احتلفوا في الروح.

فقال ابن عباس: هو ملك ما خلق الله بعد العرش أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفًّا، وقام الملائكة كلهم صفًّا، ونحوه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: الرُّوح ملك أعظم من السموات السبع والأرضين السبع والجبال.

وقيل: جبريل - عليه الصلاة والسلام - قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير.

وروى عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الرُّوحُ في هَذِهِ الآيةِ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللهِ لَيْسُوا مَلائِكةً لَهُمْ رُءوسٌ وأيْدٍ وأرْجُلٌ يَأكُلونَ الطَّعام، ثُمَّ قَرَأَ: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } " ، وهذا قول أبي صالح، ومجاهد، وعلي - رضي الله عنهم - وعلى هذا هو خلقٌ على صورة بني آدم كالناس، وليسوا بناس، وما ينزل من السماء ملك إلاَّ ومعه واحد منهم، نقله البغوي.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - " هُمْ أرْواحُ النَّاسِ ".

وقال مقاتل بن حيان: هُمْ أشراف الملائكة.

وقال ابن أبي نجيحٍ: هم حفظة على الملائكة.

وقال الحسن وقتادة: هم بنو آدم، والمعنى: ذو الروح.

وقال العوفي، والقرظي: هذا ممَّا كان يكتمه ابن عباس.

وقيل: أرواح بني آدم تقومُ صفًّا، فتقومُ الملائكةُ صفًّا، وذلك بين النَّفختين قبل أن تردُّ إلى الأجسادِ. قاله عطية.

وقال زيد بن أسلم: هو القرآن.

وقرأ:وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [الشورى: 52]، و { صَفّاً } مصدر؛ أي: يقومون صفوفاً، والمصدر يغني عن الواحد والجمع كالعدل، والصوم، ويقال ليوم العيد: يوم الصف.

وقال في موضع آخر سبحانه:وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [الفجر: 22]، وهذا يدل على الصفوف، وهذا حين العرض والحساب، قيل: هما صفان.

وقيل: يقوم الكلُّ صفًّا واحداً، " لا يتَكلَّمُونَ " أي: لا يشفعون.

قوله: { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ } يجوز أن يكون بدلاً من " واو " يتكلَّمون، وهو الأرجح، لكونه غير موجب، وأن يكون منصوباً على أصل الاستثناء.

والمعنى: لا يشفعون إلاَّ من أذن لهُ الرحمن في الشفاعة.

وقيل: لا يتكلمون إلا في حقِّ من أذنَ له الرحمنُ، وقال صواباً.

والمعنى: لا يشفعون إلاَّ في حقِّ شخصٍ أذن الرحمن في شفاعته، وذاك الشخص كان ممن قال صواباً، والمعنى قال صواباً، يعنى: " حقًّا ". قاله الضحاك ومجاهد.

وروى الضحاكُ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لا يشفعون إلاَّ لمن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأصل الصَّواب: السداد من القول والفعل، وهو من أصاب يصيب إصابة، كالجواب من أجاب يجيبُ.

السابقالتالي
2 3