الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

قوله تعالى: { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ }. قرأ نافع وأبان عن عاصم: بَرَق بفتح الراء.

والباقون: بالكسر.

فقيل: لغتان في التحيُّر والدهشة، ومعناه لمع بصره من شدَّة شخوصه، فتراه لا يطرف.

وقيل: بَرِق - بالكسر - تحيَّر فزعاً.

قال الزمخشري: " وأصله من بَرِق الرجل إذا نظر إلى البرقِ فدُهِش بصرهُ ".

قال غيره: كما يقال: أسد وبقر، إذا رأى أسداً وبقراً كثيراً فتحيّر من ذلك.

قال ذو الرمة: [الطويل]
4986 - وكُنْتُ أرَى في وجْهِ ميَّةَ لمْحعةً   فأبْرَقُ مَغْشِياً عَليَّ مَكانِيَا
وأنشد الفراء رحمه الله: [المتقارب]
4987 - فَنفْسَكَ فَانْعَ ولا تَنْعَنِي   ودَاوِ الكُلُومَ ولا تَبْرقِ
أي: لا تفزع من كثرة الكلوم التي بك.

و " بَرَق " بالفتح: من البريق، أي: لمع من شدَّة شُخُوصه.

وقال مجاهد وغيره: وهذا عند الموت.

وقال الحسن: يوم القيامة، قال: وفيه معنى الجواب عما سأل عنه الإنسان، كأنه قال: يوم القيامة إذا برق البصر، وخسف القمر.

وقيل: عند رؤية جهنم.

قال الفراء والخليل: " برِق " - بالكسر -: فَزِع وبُهِت وتحيّر، والعرب تقول للإنسان المتحيِّر المبهوت: قد برِق فهو برِقٌ.

وقيل: " بَرِق، يَبْرَقُ " بالفتح: شق عينيه وفتحهما. قاله أبو عبيدة، وأنشد قول الكلابيِّ: [الرجز]
4988 - لمَّا أتَانِي ابنُ عُمَيْر راغِباً   أعْطيتُه عِيساً صِهَاباً فَبرِقْ
أي: فتح عينيه. قرأ أبو السمال: " بَلِق " باللام.

قال أهل اللغة إلا الفرّاء: معناه " فُتِح " ، يقال: بَلقْت الباب وأبلقتُه: أي: فتحتُه وفرَّجتُه.

وقال الفراء: هو بمعنى أغلقته.

قال ثعلب: أخطأ الفراء في ذلك.

ثم يجوز أن يكون مادة " بَلَقَ " غير مادة " بَرَقَ " ، ويجوز أن تكون مادةً واحدة بُدِّل فيها حرف من آخر، وقد جاء إبدال " اللام " من الراء في أحرف، قالوا: " نثر كنانته ونثلها " وقالوا: " وجل ووجر " فيمكن أن يكون هذا منه، ويؤيده أن " برق " قد أتى بمعنى شق عينيه وفتحهما، قاله أبو عبيدة، وأنشد [الرجز]
4989 - لمَّا أتَانِي ابن عُمَيْرٍ   
البيت المتقدم.

أي: ففتح عينيه فهذا مناسب لـ " بلق ".

قوله: { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ }.

العامةُ: على بنائه للفاعل.

وأبو حيوة، وابن أبي عبلة، ويزيد بن قطيب قال القرطبي: وابن أبي إسحاق وعيسى: " خُسِف " مبنياً للمفعول.

وهذا لأن " خسف " يستعمل لازماً ومتعدياً، يقال: خُسِفَ القمر، وخسف الله القمر.

وقد اشتهر أن الخسوف للقمر والكسوف للشمس.

وقال بعضهم: يكونان فيهما، يقال: خُسِفت الشمس وكسفت، وخسف القمر وكسف، وتأيد بعضهم بقوله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ آيَتَانِ من آيَاتِ اللَّهِ لا يخسفانِ لمَوْتِ أحدٍ "

السابقالتالي
2 3 4 5