الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } * { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }

قوله: { كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ }.

قال الفراء: " كَلاَّ " أصله للقسم، التقدير: أي: والقمر.

وقيل: المعنى حقّاً والقمر، فلا يوقف على هذين التقديرين على " كلا ".

وأجاز الطبري الوقف عليها، وجعلها ردّاً على الذين زعموا أنهم يقاومون خزنة جهنم أي: ليس الأمر كما يقول من زعم أنه يقاوم خزنة النار، ثم أقسم على ذلك بالقمر، وبما بعده.

وقيل: هذا إنكار بعد أن جعلها ذكرى أن يكون لهم ذكرى؛ لأنهم لا يتذكرون.

وقيل: هو ردعٌ لمن ينكر أن يكون الكبر نذيراً.

وقيل: ردع عن الاستهزاء بالعدة المخصوصة.

قوله تعالى: { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ }.

قرأ نافع وحمزة وحفص: " إذ " ظرفاً لما مضى من الزمان " أدبر " بزنة " أكْرَمَ ".

والباقون: " إذا " ظرفاً لما يستقبل " دَبَرَ " بزنة " ضَرَبَ ".

والرَّسْمُ محتمل لكلتيهما، فالصورة الخطية لا تختلف.

واختار أبو عبيد قراءة " إذا " ، قال: لأن بعده " إذَا أسْفرَ " ، قال: " وكذلك هي في حرف عبد الله " ، يعني: أنه مكتوب بألفين بعد الذال؛ أحدهما: ألف " إذا " والأخرى همزة " أدبر ".

قال: وليس في القرآن قسم يعقبه " إذ " ، وإنما يعقبه " إذا ".

واختار ابن عباس - رضي الله عنه -: " إذا ".

ويحكى عنه: أنه لما سمع " دَبَرَ " قال: " إنَّما يدبرُ ظهر البعير ".

واختلفوا: هل " دبر، وأدبر " بمعنى أم لا؟.

فقيل: هما بمعنى واحد، يقال: دبر الليل والنهار وأدبر، وقبل وأقبل؛ ومنه قولهم: " أمس الدابر " فهذا من " دَبَر " ، و " أمس المُدبِر "؛ قال صَخرُ بن عمرو بن الشَّريدِ السُّلمِيُّ: [الكامل]
4970 - ولقَدْ قَتلْتُكمْ ثُنَاءَ ومَوْحَداً   وتَركْتُ مُرَّةَ مِثلَ أمْسِ الدّابرِ
ويروى: " المُدْبِر " ، وهذا قول الفرَّاء والأخفش والزجاج.

وأما: " أدبر الراكب " وأقبل فرباعي لا غير.

وقال يونس: " دبر " انقضى، و " أدبر " تولى، ففرق بينهما.

وقال الزمخشري: " ودبر: بمعنى أدبر " كـ " قبل بمعنى أقبل ".

وقيل منه: صاروا كأمسِ الدابر.

وقيل: هو من دبر الليل بالنهار، إذا خلفه.

وذكر القرطبي عن بعض أهل اللغة: " دبر الليل: إذا مضى، وأدبر: أخذ في الإدبار ".

وقرأ محمد بن السميفع: " والليل إذا أدبر " بألفين، وكذلك هي في مصحف عبد الله وأبيّ.

وقال قطرب: من قرأ " دبر " فيعني أقبل، من قول العرب: دبر فلان، إذا جاء من خلفي.

السابقالتالي
2 3 4