الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } * { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } * { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } * { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } * { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

قوله تعالى: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } ، الواو في قوله: { وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } ، كقوله: " والمُكَذبين " في الوجهين المتقدمين في السورة قبلها.

وقوله تعالى: { وَحِيداً } فيه أوجه:

أحدها: أنه حال من الياء في " ذَرْنِي " ، أي: ذرني وحدي معه فأنا أكفيك في الانتقام منه.

الثاني: أنه حال من التاء في " خَلقْتُ " ، أي خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه.

الثالث: أنه حال من " مَن ".

الرابع: أنه حال من عائده المحذوف، أي خلقته وحيداً، فـ " وَحِيْداً " على هذا حال من ضمير المفعول المحذوف، أي: خلقته وحده لا مال له ولا ولد، ثم أعطيته بعد ذلك ما أعطيته؛ قاله مجاهد.

الخامس: أن ينتصب على الذَّمِّ، لأنه يقال: إن وحيداً كان لقباً للوليد بن المغيرة، ومعنى " وَحِيْداً " ذليلاً.

قيل: كان يزعم أنه وحيد في فضله، وماله، وليس في ذلك ما يقتضي صدق مقالته لأن هذا لقب له شهر به، وقد يلقب الإنسان بما لا يتصف به، وإذا كان لقباً تعين نصبه على الذم.

فصل في معنى " ذرني "

معنى " ذرني " أي: دعني، وهي كلمة وعيد وتهديد، " ومَنْ خَلقْتُ " هذه واو المعية، أي: دعني والذي خلقته وحيداً.

قال المفسرون: هو الوليد بن المغيرة المخزومي، وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه فإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة، وأذى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يسمى الوحيد في قومه.

قال ابن عباس: كان الوليد يقول: أنا الوحيد ابن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي المغيرة نظير، فقال الله تعالى: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ } بزعمه " وَحِيْداً " لأن الله تعالى صدقه، بأنه وحيد.

قال ابن الخطيب: ورد هذا القول بعضهم بأنه تعالى لا يصدقه في دعواه بأنه وحيد لا نظير له، ذكره الواحدي، والزمخشري، وهو ضعيف من وجوه:

الأول: لأنه قد يكون الوحيد علماً فيزول السؤال، لأن اسم العلم لا يفيد في المسمى صفة، بل هو قائم مقام الإرشاد.

الثاني: أن يكون ذلك بحسب ظنه، واعتقاده، كقوله - عز وجل -:ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49].

الثالث: أنه وحيد في كفره، وعناده وخبثه؛ لأن لفظ الوحيد ليس فيه أنه وحيد في العلو والشرف.

الرابع: أنه إشارة إلى وحدته عن نفسه.

قال أبو سعيد الضرير: الوحيد الذي لا أب له كما تقدم في " زَنِيْمٌ ".

قوله تعالى: { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } ، أي: خولته، وأعطيته مالاً ممدوداً.

قال ابن عباس: هو ما كان للوليد بين مكة والطائف من الإبل والنعم والخيول والعبيد والجواري.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10