الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

قوله: { فَلاَ أُقْسِمُ }. قد تقدَّم.

وقرأ جماعة: " فلأقسم " دون ألفٍ.

{ بِرَبِّ ٱلْمَشَارِقِ وَٱلْمَغَارِبِ } ، قرأ العامةَ: بجمع " المشارق، والمغارب ".

والجحدري وابن محيصن وأبو حيوة، وحميد: بإفرادهما، وهي مشارقُ الشمس ومغاربها.

وقوله: " إنَّا لقَادِرُونَ " ، جواب القسم: { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ } أي: نقدر على إهلاكهم، وإذهابهم، والإتيان بخير منهم، { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } ، أي: لا يفوتنا شيء، ولا يعجزنا أمرٌ نريده.

قوله: { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ } ، أي: اتركهم يخوضُوا في أباطيلهم، ويلعبوا في دنياهم على جهة الوعيد، واشتغل أنت بما أمرت به. وقد تقدم تفسيره في سورة " الطور ".

واختلفوا فيما وصف الله به نفسه بالقدرة عليه، هل خرج إلى الفعل أم لا؟.

فقيل: بدل بهم الأنصار والمهاجرين.

وقيل: بدل الله كفر بعضهم بالإيمان.

وقيل: لم يقع هذا التبديلُ، وإنما ذكر الله ذلك تهديداً لهم لكي يؤمنوا.

قوله: { حَتَّىٰ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }.

قرأ ابن محيصن ومجاهد وأبو جعفر: " يَلْقُوا " مضارع " لَقى " ، والمعنى: أنَّ لهم يوماً يلقون فيه ما وعدوا، وهذه الآية منسوخةٌ بآية السَّيف، ثُمَّ ذكر ذلك اليوم فقال:

{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } ، يجوز أن يكون بدلاً من " يومهم " أو منصوب بإضمار " أعني ".

ويجوز على رأي الكوفيين أن يكون خبر ابتداءٍ مضمر، وبني على الفتح، وإن أضيف إلى معرب، أي: هو يوم يخرجون، كقوله:هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ } [المائدة: 119]. وتقدم الكلام عنه مشبعاً.

والعامة: على بناء " يَخْرجُونَ " للفاعل.

وقرأ السلميُّ والمغيرة، وروي عن عاصمٍ: بناؤه للمفعول.

قوله: " سِراعاً " ، حال من فاعل " يَخْرجُونَ " ، جمعُ سِرَاع كـ " ظِرَاف " في " ظَريف " ، و " كأنَّهُمْ " حال ثانية منه، أو حال من ضمير الحال، فتكونُ متداخلة.

والأجداثُ: القبور، ونظيره:فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } [يس: 51]، أي: سِرَاعاً إلى إجابة الدَّاعي.

قوله: { إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ }. متعلق بالخبر.

والعامَّة: على " نَصْبٍ " بالفتح، وإسكان الصاد.

وابن عامر وحفص: بضمتين.

وأبو عمران [الجوني] ومجاهد: بفتحتين.

والحسن وقتادة وعمرو بن ميمون وأبو رجاء وغيرهم: بضم النون، وإسكان الصاد.

فالأولى: هو اسم مفرد بمعنى العلمِ المنصوب الذي يُسْرعُ الشخصُ نحوه.

وقال أبو عمرو: هو شَبكةُ الصَّائدِ، يُسْرِع إليها عند وقوع الصيد فيها مخافة انفلاته.

وأمَّا الثانية، فتحتملُ ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أنه اسم مفرد بمعنى الصنم المنصوب للعبادة.

وأنشد للأعشى: [الطويل]
4874 - وذَا النُّصُبِ المَنْصُوبِ لا تَعْبُدَنَّهُ   لِعاقِبَةٍ واللَّهَ ربَّك فاعْبُدَا
يعني: إيَّاك وذا النُّصُبِ.

الثاني: إنَّه جمعُ " نِصَاب " كـ " كُتُب " و " كِتَاب ".

السابقالتالي
2