الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ }

قوله " أخَاهُمْ " نصب بـ " أرْسَلْنَا " الأولى، كأنه قيل: لقد أرسلنا نُوحاً، وأرسلنا إلى عادٍ أخاهُم، وكذلك ما يأتي من قوله:وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ } [الأعراف: 73]،وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } [الأعراف: 85]وَلُوطاً } [الأعراف: 85]، ويكونُ ما بعد " أخَاهُم " بدلاً أو عطف [بيان]. وأجاز مكيٌّ أن يكون النَّصْبُ بإضمار " اذْكُرْ " وليس بشيء لأنَّ المعنى على ما ذكرنا مع عدمِ الاحْتِيَاجِ إليه.

و " عاد " اسم للحيِّ، ولذلك صَرَفَه، ومنهم من جعله اسْماً للقبيلة ولذلك [منعه] قال: [الرجز]
2500- لَوْ شَهْدَ عَادَ فِي زَمَانِ عَادِ   لابْتَزَّهَا مَبَارِكَ الجِلادِ
وعادٌ في الأصل اسم الأب الكبيرِ، وهو عادُ بْنُ عوصِ بْنِ إرمِ بْنِ سَامِ بن نُوحٍ فسُمِّيت به القبيلةُ، أو الحيّ.

وقيل: عادُ بْنُ أرمِ بْنِ شَالِخ بْنِ أرفخشد بْنِ سَامِ بْنِ نوحٍ وهودُ بْنُ عبد الله بْنِ رَبَاحِ بْنِ الجَارُودِ ابْنِ عَادِ بْنِ عوص بن إرمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وهي عادٌ الأولى، وكذلك ما أشبهه من نحو " ثَمُود " إن جَعَلْته اسماً لمذكَّر صَرَفْتَه، وإن جعلته اسماً لمؤنث مَنَعتهُ، وقد بَوَّبَ له سيبويه باباً.

وأمّا هو فاشتهر في ألْسِنَةِ النُّحَاةِ أنه عَرَبِيٌّ، وفيه نظر؛ لأن الظَّاهِرَ من كلام سيبويه لمَّا عَدَّه مع نُوح، ولوط أنَّهُ أعجمي، ولأن: أبَا البركاتِ النَّسَّابَةَ الشَّريفَ حكى: أن أهلَ اليمنِ تزعُمُ أنّ يَعْرُبَ بْنِ قحطانَ بْنِ هُود هو أوَّلُ من تكلَّمَ بالعربيَّةِ وسُمِّيت به العربُ عرباً، وعلى هذا يكون " هُودُ " أعجمياً، وإنَّمَا صُرِفَ لما ذكر في أخوته نوحٍ ولُوطٍ.

وهود اسمه عابرُ بْنُ شَالِح بْنِ أرفخشد بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.

فصل في نسب هود

اتَّفقوا [على] أن هوداً ما كان أخاهم في الدِّين، واختلفوا في أنَّه هل كان هناك قَرَابَةٌ أم لا.

قال الكَلْبِيُّ: " كان واحداً منهم ".

وقال آخرون: كان من غيرهم، وذكروا في تفسير هذه الأخوة وجهين:

الأول: قال الزَّجَّاجُ: كان من بني آدم، ومن جِنْسِهِمْ، لا من الملائكة، ويكفي هذا القَدَرُ في تسمية الأخوة، والمعنى: أنّا بعثنا إلى عادٍ واحداً من جنسهم، لِيَكُون الفَهْمُ والأنس بكلامه وأفعاله أكْمَلُ، ولم يبعث إليهم من غير جنسهم مثل ملك أو جني.

قال ابن إسحاق: وكان أوسطهم نَسَباً، وأفْضَلَهُم حُسْناً.

روي أن عاداً كانت ثلاثَ عَشْرَةَ قبيلةً ينزلون الرِّمال، وكانوا أهل بساتين وزروع وعمارةٍ، وكانت بلادهم أخصبَ البلاد، فسخط الله عليهم؛ فجعلهم مفاوز لأجل عبادتهم الأصْنَامَ، ولحق هود حين أهلك قومه بمن آمن معه بِمَكَّةَ، فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

الثاني: " أخاهم " أي صاحبهم، ورسولهم، والعرب تسمِّي صاحب القوم أخَا القَوْم، ومنه قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6