الضَّميرُ في " جِئْنَاهُم " عائد على كل ما تقدم من الكَفَرةِ، والمراد بـ " كتاب " الجنس. وقيل: يعود على مَنْ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد بالكتاب القرآن، والباء في " بكتاب " للتعدية فقط. قوله: " فَصَّلْنَاهُ " صفة لـ " كتاب " ، والمراد بتفصيلة إيضاحُ الحقِّ من الباطل، أو تنزيله في فصول مختلفة كقوله:{ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ } [الإسراء: 106]. وقرأ الجحدري وابن محيصن بالضَّادِ المعجمة أي: فضَّلْناه على غيره من الكتب السماوية. قوله: " على عِلْمٍ " حال إمَّا من الفاعل، أي: فصَّلناه عالمين بتفصيله، وإمّا من المفعول أي: فَصّلناه مشتملاً على علم ونكَّر " عِلْم " تعظيماً. قوله: " هُدىً ورَحْمَةً " الجمهور على النصب وفيه وجهان: أحدهما: أنَّهُ مفعول من أجله أي: فصَّلْناه لأجل الهداية والرحمة. والثاني: أنَّهُ حال، إمّا من " كتاب " وجاز ذلك لتخصصه بالوصف، وإمّا من مفعول " فصَّلناه ". وقرأ زَيْدُ بْنُ عَلِيّ: " هدىً ورحمةٍ " بالجر، وخرَّجه الكسائي والفراء على النعت لـ " كتاب " ، وفيه المذاهب المشهورة في نَحْوِ: [ " مررت] برجل عَدْلٍ " ، وخرّجه غيرهما على البدل منه. وقرىء: " هُدىً ورَحْمَةٌ " بالرفع على إضمار المبتدأ. وقال مكي: وأجَازَ الفرَّاءُ والكِسَائِيُّ " هُدًى ورَحْمَة " بالخفض، ويجعلانه بَدَلاً من " علم " ، ويجوز " هُدًى ورحمةٌ " على تقدير: " هو هدًى ورحمةٌ " ، وكأنَّهُ لم يطَّلع على أنَّهُمَا قراءتان مَرْويَّتَانِ حتّى نسبهما على طريق الجواز. و " لِقَوْمٍ " صفة لـ " رحمة " وما عطفت عليه. وقوله: { هُدًى وَرَحْمَة لِقَوْمٍ يُؤمِنُونَ } يدلُّ على أنَّ القرآن جعل هدى لقوم مخصوصين، والمرادُ: أنَّهُم هم الذين اهتدوا به دون غيرهم، فهو كقوله تعالى في أوَّل " البقرة " ،{ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } [الآية: 2].