الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ } معناه: كلما وقعت أبصار أصحاب الأعراف على أهل النَّارِ تضرَّعُوا إلى اللَّهِ في ألاّ يجعلهم من زمرتهم.

وقرأ الأعمش: " وإذَا قلبت " وهي مخالفة للسواد كقراءة " لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ سَاخِطُون " أو وهم طامعون على أن هذه أقرب.

قوله: " تِلْقَاءَ " منصوب على ظرف المكان.

قال مكيٌّ: " وجمعه تلاقِيّ ".

قال شهابُ الدّين: لأن " تِلْقَاء " وزنه " تِفْعَال " كـ " تمثال " وتمثال وبابه يجمع على " تَفَاعِيلُ " ، فالتقت الياء الزَّائدةُ مع الياء التي هي لام الكلمة، فأدغمت فصارت " تَلاَقِيّ ".

والتلقاء في الأصل، مصدر ثم جُعِلَ دالاًّ على المكان أي: على جهة اللِّقَاءِ والمقابلة.

قال الوَاحِدِيُّ: " التّلقاء جهة اللِّقَاءِ، وهي في الأصل مصدر استعمل ظَرْفاً " ، ونقل الوَاحِدِيُّ بإسناده عن ثَعْلَبٍ عن الكَوفيينَ، والمبرد عن البصريّين أنَّهُمَا قالا: لم يأت من المصادر على " تِفعال " بكسر التَّاء إلاَّ لفظتان: التِّلقاء، والتِّبيان، وما عدا ذلك من المصادر فمفتوح نحو: التَّرْداد والتكرار، ومن الأسماء مكسور نحو: تِمثال وتِمْساح وتِقْصار.

وفي قوله: " صُرِفَتْ أبْصَارُهُم " فائدة جليلة، وهو أنَّهُم لم يَلْتَفِتُوا إلى جهة النَّار [إلا] مجبورين على ذلك لا باختيارهم؛ لأن مكان الشرِّ محذور، وقد تقدَّم خلاف القُرَّاء في نحو: " تِلْقَاءَ أصْحَابِ " بالنِّسبة إلى إسقاط إحْدَى الهمزتين، أو إثباتها، أو تسهيلها في أوائل البقرة [6، 13].

و " قالوا " هو جواب " إذا " والعامل فيها.