الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }

قوله: { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ } العامة على تشديد وَلِيِّيَ مضافاً لياء المتكلم المفتوحة، وهي قراءة واضحة أضاف الوليَّ إلى نفسه.

وقرأ أبو عمرو في بعض طرقه " إنَّ وليَّ " بياء واحدة مشددة مفتوحة، وفيها تخريجان:

أحدهما: قال أبُو عليٍّ: إن ياء " فعيل " مدغمةٌ في ياء المتكلم، وإنَّ الياء التي هي لام الكلمة محذوفةٌ، ومنع من العكس.

والثاني: أن يكون وليَّ اسمها، وهو اسمُ نكرة غيرُ مضافِ لياء المتكلم، والأصلُ: إنَّ وليًّا الله فـ " وليًّا " اسمها والله خبرها، ثم حذف التنوين؛ لالتقاء الساكنين؛ كقوله: [المتقارب]
2652 - فأَلْفَيْتُه غَيْر مُسْتَعْتبٍ   ولا ذَاكِر اللَّهَ إلاَّ قَلِيلا
وكقراءة من قرأ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدُ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } [الإخلاص: 1 - 2] ولم يبق إلاَّ الإخبارُ عن نكرةٍ بمعرفة، وهو واردٌ.

قال الشاعر: [الطويل]
2653 - وإنْ حَرَاماً أن أسُبَّ مُجَاشِعاً   بآبَائِي الشمِّ الكِرَامِ الخَضَارِمِ
وقرأ الجحدريُّ في رواية إنَّ وليِّ الله بكسر الياءِ مشددة، وأصلها أنَّهُ سكن ياء المتكلم، فالتقت مع لام التعريف فحذفت، لالتقاء الساكنين، وبقيت الكسرةُ تدلُّ عليها نحو: إنَّ غلام الرَّجلُ.

وقرأ في رواية أخرى إنَّ وليَّ اللَّهِ بياء مشددة مفتوحة، والجلالة بالجرِّ، نقلهما عنه أبو عمرو الدَّاني أضاف الولي إلى الجلالةِ.

وذكر الأخفشُ وأبو حاتم هذه القراءة عنه، ولمْ يذكرا نَصْبَ الياء، وخرَّجها النَّاسُ على ثلاثة أوجه: الأولُ: قولُ الأخفش - وهو أن يكون وَليّ الله اسمُها والَّذي نزَّلَ الكتاب خبرها، والمراد بـ " الذي نزّل الكتابَ " جبريل، لقوله تعالى:نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [الشعراء: 193]:قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ } [النحل: 102] إلاَّ أنَّ الأخفش قال في قوله { وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } هو من صفة الله قطعاً لا من صفة جبريل، وفي تحتم ذلك نظرٌ.

والثاني: أن يكون الموصوف بتنزيل الكتاب هو الله تعالى، والمراد بالموصول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ويكون ثمَّ عائدٌ محذوفٌ لفهم المعنى والتقدير إنَّ وليَّ الله النبيُّ الذي نزَّل الله الكتاب عليه، فحذف عليه وإن لم يكن مشتملاً على شروط الحذف، لكنَّه قد جاء قليلاً، كقوله: [الطويل]
2654 - وإنَّ لِسَانِي شُهْدَةٌ يُشْتَفَى بِهَا   وهُوَّ على مَنْ صَبَّهُ اللَّهُ عَلْقَمُ
أي: صبه اللَّهُ عليه، وقال آخر: [الطويل]
2655 - فأصْبَحَ مِنْ أسْمَاءَ قَيْسٌ كقَابضٍ   عَلى المَاءِ لا يَدْرِي بِمَا هُوَ قَابِضُ
أي بما هو قابض عليه. وقال آخر: [الطويل]
2656- لَعَلَّ الَّذي أصْعَدْتني أنْ يَرُدَّنِي   إلى الأرْضِ إنْ لَمْ يَقْدرِ الخَيْرَ قَادِرُه
أي: أصعدتني به.

وقال آخر: [الوافر]
2657- ومِنْ حَسَدٍ يَجُوزُ عَليَّ قَوْمِي   وأيُّ الدَّهْر ذُو لم يَحْسُدُونِي
أي يحسدوني فيه.

وقال آخر: [الطويل]
2658 - فَقُلْتُ لهَا لاَ والَّذي حَجَّ حَاتِمٌ   أخُونُكِ عَهْداً إنَّنِي غَيْرُ خَوَّانِ

السابقالتالي
2