الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { سَآءَ مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } * { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِيۤ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا } الآية.

قال ابنُ عبَّاسٍ وابن مسعود: نزلت هذه الآيةُ في " بلعم بن باعوراء ".

وقال مجاهدٌ: بَلعَامُ ابن باعر.

وقال عطيَّةُ عن ابن عبَّاسٍ: كان من بني إسرائيل.

وروي عن ابن أبي طلحة: أنَّه كان من الكنعانيين من مدينة الجبَّارين.

وقال مقاتل: هو من مدينة البَلْقَاءِ، وذلك أنَّ موسى - عليه الصَّلاة والسَّلام - وقومه، قصد بلده، وغزا أهله وكانوا كفاراً، فطلبوا منه أن يدعو على موسى وقومه وكان مجاب الدعوة وعنده اسم الله الأعظم فامتنع منه، فما زالوا يطلبونه حتى دعا عليه، فاستجيب له ووقع موسى وبنوا إسرائيل في التّيهِ بدعائه، فقال موسى: يا رب بأيِّ ذنبٍ وقعنا في التيهِ؟

فقال: بدعاء بلعم، فقال: كما سمعت دُعاءَهُ عليَّ، فاسمع دعائي عليه، ثم دعا موسى عليه الصلاة والسلام أن ينزع منه اسم الله الأعظم والإيمان، فسلخه اللَّهُ مِمَّا كان عليه، ونزع منه المعرفة، فخرجت من صدره حمامة بيضاء.

وقيل: إنَّه كان نبيّاً من أنبياء الله، دعا عليه موسى، فنزع اللَّهُ تعالى منه الإيمان، فصار كافراً وهذا بعيدٌ؛ لقوله تعالى:ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [الأنعام: 124] فدلَّ على أنَّهُ تعالى لا يخصُّ عبداً بالرِّسالة إلاَّ إذا علم امتيازه عن سائر العبيد بمزيد المناقب العظيمة، ومن كانت هذه حالهُ، كيف يليق به الكفر؟

وقال عبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم: نزلت في أميَّة بن أبي الصلت وكان قد قرأ الكتب، وعلم أنَّ الله تعالى مرسل رسولاً في ذلك الوقت ورجا أن يكون هو، فلمَّا أرسل الله تعالى، محمداً عليه - الصَّلاة والسَّلام -، حسدهُ، ثم مات كافراً، وكان قد قصد بعض الملوك، فلمَّا رجع مرَّ على قتلى بدر، فسأل عنهم، فقيل له: قتلهم محمد. فقال: لو كان نبيّاً ما قتل أقرباءه، فلما مات أمية، أتت أخته فازعةً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن وفاة أخيها فقالت: بينما هو راقدٌ، أتاه اثنانِ، فكشفا سقف البيت ونزلا، فقعد أحدهما عند رجليه، والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه أوعى؟ قال: وعى. قال: أزكى؟ قال: أبَى، فسألته عن ذلك فقال: خيرٌ أريد بي؛ فصرف عني ثم غشي عليه، فلما أفاق قال: [الخفيف]
2621 - كُلُّ عَيْشٍ وإنْ تَطاوَلَ دَهْراً   صَائِرٌ مَرَّةً إلى أنْ يَزُولا
لَيْتَنِي كُنْتُ قَبْلَ ما قَدْ بَدَا لِي   فِي قلالِ الجِبالِ أرْعَى الوُعُولاَ
إنَّ يَوْمَ الحسابِ يَوْمٌ عظيمٌ   شَابَ فِيهِ الصَّغيرُ يَوْماً ثَقِيْلاَ
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشديني شعر أخيك، فأنشدته بعض قصائده.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7