الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

قوله: { وَلَوْ تَقَوَّلَ } ، هذه قراءةُ العامَّة، " تَفعَّل " من القول مبنيًّا للفاعل.

قال الزمخشريُّ: " التقوُّلُ، افتعالُ القولِ؛ لأن فيه تكلُّفاً من المفتعل ".

وقرأ بعضهم: " تُقُوِّلَ " مبنياً للمفعول.

فإن كان هذا القارىءُ رفع بـ " بَعْضَ الأقاويل " فذاك، وإلا فالقائم مقام الفاعل الجار، وهذا عند من يرى قيام غير المفعول به مع وجوده.

وقرأ ذكوانُ وابنه محمد: " يَقُولُ " مضارع " قَالَ ".

و " الأقاويل " جمعُ: " أقوال " ، و " أقوال " جمع: " قول " ، فهو نظير: " أبَاييت " جمع: " أبياتٍ " جمع " بيتٍ ".

وقال الزمخشريُّ: وسمى الأقوال المنقولة أقاويل تصغيراً لها وتحقيراً، كقولك: " الأعاجيب " و " الأضاحيك " ، كأنها جمع " أفعولة " من القول.

والمعنى: لو نسب إلينا قولاً لم نقله " لأخذْنَا مِنْهُ باليَميْنِ " أي: لأخذناه بالقوة، و " الباء " يجوز أن تكون على أصلها غير مزيدة، والمعنى لأخذناه بقوة منا فـ " الباء " حالية، والحالُ من الفاعل، وتكون " من " في حكم الزائدةِ، واليمينُ هنا مجاز عن القوة والغلبة؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه.

قال القتبي: وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد.

ومنه قول الشماخ: [الوافر]
4854 - إذَا ما رايةٌ رُفِعتْ لمَجْدٍ   تلقَّاهَا عَرابَةُ باليَميْنِ
قال أبو جعفر الطبري: هذا الكلام مخرج مخرج الإذلال، على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب.

ويجوز أن تكون الباءُ مزيدةً، والمعنى: لأخذنا يمينه، والمراد باليمين الجارحة كما يفعل بالمقتول صبراً يؤخذ بيمينه، ويضرب بالسَّيف، في جيده موجهة، وهو أشد عليه.

قال الحسن: لقطعْنَا يدهُ اليمنى.

وقال نفطويه: المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف.

وقال السدِّي ومقاتل: والمعنى: انتقمنا منه بالحقِّ؛ واليمين على هذا بمعنى الحق، كقوله تعالى:إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } [الصافات: 28] أي: من قبل الحق.

قوله: { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ }. وهو العِرْق المتصل من القلب بالرأس الذي إذا قُطعَ مات صاحبُه.

قاب أبو زيد: وجمعه الوُتْن، وثلاثة أوتِنَة، والموتُون الذي قُطِعَ وتينُه.

وقال الكلبي: هو عِرْق بين العلباء والحُلْقوم، وهما علباوان، وإن بينهما العِرْق.

والعِلْباء: عصب العنق.

وقيل: عرق غليظ تصادفه شفرة النَّاحر.

قال الشماخُ: [الوافر]
4855 - إذَا بلَّغَتنِي وحَملْتِ رحْلِي   عرَابَةُ فاشْرقِي بِدمِ الوتِينِ
وقال مجاهد: هو حبل القلب الذي في الظهر، وهو النخاع، فإذا انقطع بطلت القوى، ومات صاحبه.

وقال محمدُ بن كعب: إنه القلبُ ومراقه، وما يليه.

وقال عكرمة: إنَّ الوتينَ إذا قُطعَ لا إن جَاعَ عرف ولا إن شَبعَ عرف.

قال ابن قتيبة: ولم يرد أنا نقطعه بعينه، بل المراد أنه لو كذب لأمتناه فكان كمن قُطِعَ وتينه.

السابقالتالي
2 3