الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

قوله تعالى " ن " كقولهصۤ وَٱلْقُرْآنِ } [ص: 1]، وجواب القسم الجملة المنفية بعدها.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - هو الحوت الذي على ظهره الأرض، وهو قول مجاهدٍ ومقاتل والسدي والكلبي.

وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره فتحرك النون، فمارت الأرض فأثبتت بالجبال وإن الجبال لتفخر على الأرض، ثم قرأ ابن عباس: { نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }.

قال الواقديُّ: اسم النون ليوثا.

وقال كعب الأحبار: لوثوثا.

وعن علي: اسمه تلهوت.

وقيل: إنه أقسم بالحوت الذي ابتلع يونس - عليه الصلاة والسلام -.

وقيل: الحوت الذي لطخ سهم نمروذ بدمه.

وقال الكلبي ومقاتل: اسم الحوت الذي على ظهر الأرض: البَهْمُوت.

قال الراجز: [الرجز]
4805 - مَا لِي أرَاكُمْ كُلَّكُمْ سُكُوتَا   واللَّهُ ربِّي خَلقَ البَهْمُوتَا
وروى عكرمة عن ابن عباس: أن نون آخر حروف الرحمن.

وقيل: إنه اسم للدواةِ، وهو أيضاً مروي عن ابن عباس.

قال القرطبيُّ: وروى أبو هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أوّلُ ما خَلَقَ اللَّهُ القَلمَ، ثُمَّ خلقَ النُّون، وهي الدَّواةُ، وذلك قوله تعالى " ن " والقلم " ومنه قول الشاعر: [الوافر]
4806 - إذَا مَا الشَّوْقُ يَبْرَحُ بِي إليْهِمْ   وألفَى النُّون بالدَّمْعِ السِّجامِ
ويكون على هذا قسماً بالدواة والقلم، فإن المنفعة بهما عظيمة بسبب الكتابةِ. فإن التفاهم يحصل تارة بالنطق، وتارة بالكتابة.

وقيل: النون لوح من نون تكتب فيه الملائكةُ ما يؤمرون به، رواه معاوية بن قرة مرفوعاً.

وقيل: النون هو المداد الذي تكتب به الملائكة.

وقال عطاء وأبو العالية: هو افتتاح اسمه تعالى ناصر ونور ونصير، وقال محمد بن كعب: أقسم الله - تعالى - بنصره للمؤمنين.

وقال جعفر الصادق: هو نهر من أنهار الجنَّة يقال له: نون.

وقيل: هو الحرف المعروف من حروف المعجم، قاله القشيري.

قال: لأنه حرف لم يعرب فلو كان كلمة تامة أعرب به القلمُ، فهو إذن حرف هجاء، كما في أوائل السور.

قال الزمخشريُّ: " وأما قولهم: هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي، أو شرعي، ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة من أن يكون جنساً، أو علماً، فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوينُ وإن كان علماً فأين الإعراب؟ وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام؛ لأنك إذا جعلته مقسماً به وجب إن كان جنساً أن تجره وتنونه، ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة، كأنه قيل: ودواة والقلم، وإن كان علماً أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه للعلمية والتأنيث، وكذلك التفسير بالحوت إما أن يراد نون من النينان، أو يجعل علماً للبهموت الذي يزعمون، والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنَّة نحو ذلك ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8