الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ } * { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } * { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ }

ثم إنه تعالى لما أبطل قولهم شرح بعده عظمة يوم القيامة، وهو قوله:

{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } " يَوْمَ " منصوب بقوله " فليَأتُوا " أي: فليأتوا بشركائهم يوم يكشفُ عن ساق ليشفع الشركاء لهم وحينئذ لا يوقف على " صَادِقينَ ".

أو بإضمارِ " اذْكُرْ " فيكون مفعولاً به، أو بمحذوفٍ وهو ظرف، أي: يوم يكشف يكون كيت وكيت. أو بـ " خَاشِعةً ". قاله أبو البقاء.

و " عَنْ ساقٍ " قائم مقام الفاعل.

وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة: " تكشف " بالتاء من فوق مبنياً للفاعل، أي: الشدة والساعة. وعنه أيضاً كذلك: مبنياً للمفعول.

وهي مشكلة، لأن التأنيث لا معنى له هاهنا إلا أن يقال: إن المفعول مستتر، أي: تكشف هي، أي: الشدة، ويتعلق " عَنْ ساقٍ " بمحذوف، أي: تكشف عن ساقها.

ولذلك قال الزمخشري: " وتكشف " بالتاء مبنياً للفاعل والمفعول جميعاً، والفعل للساعة، أو الحال: أي يشتد الحال، أو الساعة.

وقرىء: " ويُكشِفُ " - بضم التاء أو الياء وكسر الشين - من " أكشف " إذا دخل في الكشف، وأكشف الرجل إذا انقلبت شفته العليا لانكشاف ما تحتها. ويقال له أيضاً: أخلع وكشف الساق كناية عن الشدة.

قال الراجز: [الرجز]
4831 - عَجِبْتُ مِنْ نَفْسِي ومِنْ إشْفَاقِهَا   ومِنْ طِرَادِي الطَّيْرَ عَنْ أرْزَاقِهَا
في سَنةٍ قَدْ كشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا   حَمْرَاءِ َبْرِي اللَّحْمَ عَنْ عُراقِهَا
وقال حاتم الطائيُّ: [الطويل]
4832 - أخُو الحَرْبِ إنْ عَضَّتْ به الحَرْبُ عضَّهَا   وإنْ شَمَّرْتَ عَنْ سَاقهَا الحَرْبُ شَمَّرَا
وقال الآخر: [مجزوء الكامل]
4833 - كَشفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا   وبَدَا مِنَ الشَّرِّ البَواحُ
وقال الراجز: [الرجز]
4834 أ - قَدْ شَمرَتْ عَنْ سَاقِهَا فشُدُّوا   وجَدَّتِ الحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا
وقال الآخر: [السريع، أو الرجز]
4834 ب - صَبْراً أُمامُ إنَّهُ شَرُّ بَاقْ   وقَامتِ الحَرْبُ بِنَا على سَاقْ
قال الزمخشريُّ: الكشفُ عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب، وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدراتِ عن سوقهن في الهرب وإبداء خدامهن عند ذلك؛ قال حاتم:
4835أ - أخو الحَرْبِ.........   ..............................
وقال ابن قيس الرُّقيَّاتِ: [الخفيف]
4835 ب - تُذِهِلُ الشَّيْخَ عنْ بنيهِ وتُبْدِي   عَنْ خِدَامِ العَقيلَةُ العَذْراءُ
انتهى.

فصل في " الساق "

قال ابن عباس في قوله تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } ، قال: كرب وشدة.

وعن مجاهد: شدة الأمر وحده.

وروى مجاهد عن ابن عباس قال: أشد ساعةٍ في القيامة.

وقال أبو عبيدة: إذا اشتد الأمر، أو الحرب قيل كشف الأمر عن ساقه.

والأصل فيه: أن من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد، شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة.

السابقالتالي
2 3 4 5