الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ }

{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، أي: متى يوم القيامة ومتى هذا العذابُ الذي تعدوننا به؟.

قال أبو مسلم: إنه تعالى قال: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } بلفظ المستقبلِ، وهذا يحتمل ما يوجد من الكفار من هذا القول في المستقبل، ويحتمل الماضي، والتقدير: وكانوا يقولون: متى هذا الوعد، ولعلهم كانوا يقولون ذلك سخرية، واستهزاء، وكانوا يقولونه إيهاماً للضعفة، ثم إنه تعالى أجاب عن هذا السؤالِ، فقال { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ } ، أي: قل لهم يا محمد: علم وقت قيام الساعة عند الله فلا يعلمه غيره، نظيره:قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } [الأعراف: 187] الآية { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي: مخوف ومعلم لكم، ثم إنه تعالى بين حالهم عند ذلك الوعد وهو قوله: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، أي: الموعود، أو العذاب زلفة، أي: قريباً، فهو حال.

وقال القرطبيُّ: " مصدر، بمعنى مزدلفاً، أي: قريباً، قاله مجاهد ".

ولا بد من حذف مضاف، أي: ذا زلفة، وجعل الزلفة مبالغة.

وقيل: " زُلْفَة " تقديره: مكاناً ذا زلفةٍ، فينتصب انتصاب المصدرِ.

فصل في المراد بالعذاب.

قال الحسنُ: عياناً. وأكثر المفسرين على أن المراد عذابُ الآخرةِ.

وقال مجاهدٌ: عذاب يوم بدر.

وقيل: رأوا ما يوعدون من الحشر قريباً منهم، لقوله { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.

وقال ابن عباس: يعني علمهم الشيء قريباً.

قوله: " سِيئَتْ " ، الأصل: " ساء " أحزن وجوههم العذاب، ورؤيته، ثم بني للمفعول، وساء هنا ليست المرادفة لـ " بئس " كما تقدم مراراً.

وأشم كسرة السين الضم: نافع وابن عامر والكسائي، كما فعلوا ذلك فيسِيۤءَ بِهِمْ } [هود: 87] في " هود " كما تقدم. والباقون: بإخلاص الكسر، وتقدم تحقيق هذا وتصريفه في أول " البقرة " ، وأن فيه لغات عند قولهوَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } [البقرة: 11].

فصل في معنى الآية

قال ابن عباس: " سِيْئَتْ " أي: اسودت وعليها الكآبة والغبرة.

يقال: ساء الشيءُ يسوء، فهو مسيء إذا قبح، وساء يساء إذا قبح، وهو فعل لازم ومتعدّ ومعنى { سِيئَتْ وُجُوهُ } ، أي: قبحت، بان عليها الكآبةُ، وغشيها الكسوفُ والقترة وكلحوا.

قال الزجاج: تبين فيها السوء، أي: ساءهم ذلك العذاب وظهر على وجوههم سمة تدل على كفرهم، كقوله تعالىيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } [آل عمران: 106].

قوله: { وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } ، أي: قال لهم الخزنة.

قال الفراء: " تفتعلون " من الدعاء. وهو قول أكثر العلماءِ، أي: تتمنون، وتسألون.

وقال ابن عباس: تكذبون، وتأويله: هذا الذي كنتم من أجله تدعون الأباطيل والأحاديث قاله الزجاج.

وقرأ العامة: بتشديد الدال مفتوحة.

فقيل: من الدعوى، أي: تدعون أنه لا جنة ولا نار، قاله الحسنُ.

السابقالتالي
2 3