الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

قوله: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ }. أي: من دون محمَّد وأصحابه. لما ادعت اليهود الفضيلة، وقالوا:نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18]، قال الله تعالى: { إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ } فللأولياء عند الله الكرامة { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } لتصيروا إلى ما يصير إليه أولياء الله.

قوله: { أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ }.

سادّ مسد المفعولين أو المفعول على الخلاف، و " لله " متعلق بـ " أولياء " أو بمحذوف نعتاً لـ " أولياء " ، و { من دون الناس } كذلك.

قوله: { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ }. جواب الشَّرط.

والعامة: بضم الواو وهو في الأصل واو الضمير.

وابن السميفع وابن يعمر وابن إسحاق: بكسرها، وهو أصل التقاء السَّاكنين.

وابن السميفع أيضاً: بفتحها وهذا طلب للتخفيف.

وتقدم نحوه في:ٱشْتَرُواْ ٱلضَّلاَلَةَ } [البقرة: 16].

وحكى الكسائي إبدال الواو همزة.

قوله: { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ } ، وقال في البقرة:وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ } [البقرة: 95].

قال الزمخشري: لا فرق بين " لا " و " لن " في أنَّ كل واحد منهما نفي للمستقبل إلا أن في " لن " تأكيداً وتشديداً ليس في " لا " فأتي مرة بلفظ التأكيد " ولن يتمنوه " ومرة بغير لفظه " ولا يتمنونه ".

قال أبو حيان: " وهذا رجوع عن مذهبه وهو أن " لن " تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة وهو أنها لا تقتضيه ".

قال شهاب الدين: وليس فيه رجوع، غاية ما فيه أنه سكت عنه، وتشريكه بين " لا " و " لن " في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص " لن " بمعنى آخر.

وتقدم الكلام على هذا مشبعاً في " البقرة ".

فصل

المعنى: " ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم " أي: أسلفوه من تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فلو تمنوه لماتوا، فكان ذلك بطلان قولهم وما ادعوه من الولاية.

" قال عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية: " والذي نفسي بيده لو تمنوا الموت ما بقي على ظهرها يهودي إلا مات " ".

وفي هذا إخبار عن الغيب ومعجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد مضى الكلام على هذه الآية في " البقرة " عند قوله:فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } [البقرة: 94].