الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } الآية.

قرأ العامة: " الجُمُعَة " بضمتين.

وقرأ عبد الله بن الزبير وزيد بن علي والأعمش وأبو حيوة وأبو عمرو في رواية بسكون الميم.

فقيل: هي لغة في الأولى وسكنت تخفيفاً وهي لغة تميم.

وقيل: هو مصدر بمعنى الاجتماع.

وقيل: لما كان فيه معنى الفعل صار " كرجل هُزْأة " أي: يُهزأ به، فلما كان في " الجمعة " معنى التجمع أسكن؛ لأنه مفعول به في المعنى أو يشبهه، فصار كـ " هزأة " الذي يهزأ به. قاله مكي.

وكذا قال أبو البقاء: هو بمعنى المجتمع فيه، مثل: رجل ضحكة، أي يضحك منه.

وقال مكي: يجوز إسكان الميم إستخفافاً، وقيل: هي لغة.

وقد تقدم أنها قراءة وأنها لغة تميم.

وقال أبو حيان: " ولغة بفتحها لم يقرأ بها ".

قال شهاب الدين: " قد نقلها أبو البقاء قراءة، فقال: ويقرأ - بفتح الميم - بمعنى الفاعل، أي: يوم المكان الجامع، مثل: رجل ضحكة، أي: كثير الضحك ".

وقال مكي: " وفيه لغة ثالثة - بفتح الميم - على نسبة الفعل إليها كأنها تجمع الناس، كما يقال: " رجل لحنة " إذا كان يلحن الناس، وقرأة إذا كان يقرىء الناس " ، ونقلها قراءة أيضاً الزمخشري، إلا أن الزمخشري جعل " الجمعة " - بالسكون - هو الأصل، وبالمضموم مخففاً منه يقال: يوم الجمعة، يوم الفوج المجموع، كقولهم: " ضُحَكَة " للمضحوك منه، ويوم الجمعة - بفتح الميم - يوم الوقت الجامع، كقولهم: ضحكة ولعبة، ويوم الجمعة، كما قيل: عُسَرة في عُسْرة، وقرىء بهن جميعاً.

وتقديره: يوم الوقت الجامع أحسن [من تقدير أبي البقاء يوم] المكان الجامع؛ لأن نسبة الجمع إلى الطرفين مجاز، فالأولى إبقاؤه زماناً على حاله.

قال القرطبي: " وجمعها جُمع وجُمعان ".

وقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم، فاقرأوها " جمعة " يعني بضم الميم.

وقال الفرَّاء وأبو عبيد: والتخفيف أحسن وأقيس، نحو: غُرْفة وغُرَف، وطُرْفة وطُرَف وحُجرة وحُجَر وفتح الميم لغة بني عقيل. وقيل: إنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم.

فصل في الكلام على الآية

فإن قيل: قال ابن الخطيب: قوله: " للصَّلاةِ " ، أي: لوقت الصلاة، بدليل قوله: { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } ولا تكون الصلاة من اليوم وإنما يكون وقتها من اليوم.

فالجواب: روى سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّمَا سُمِّيتْ جُمعَةً لأنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهَا خلقَ آدَمَ "

وقيل: لأن الله - تعالى - فرغ فيها من خلق كل شيء فاجتمع فيها جميع المخلوقات.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد