الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } الآية.

لما ذكر الجهاد، بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد، وجاهدا في سبيل الله، وحل العقاب بمن خالفهما، أي: واذكر لقومك يا محمد هذه القصة.

قوله: { لِمَ تُؤْذُونَنِي }.

وذلك حين رموه بالأدرة، كما تقدم في سورة الأحزاب.

ومن الأذى: ما ذكر في قصة قارون أنه دس إلى امرأة تدَّعي على موسى الفجور، ومن الأذى قولهم:ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [الأعراف: 138]، وقولهم:فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائدة: 124]، وقولهم: أنت قتلت هارون.

قوله: { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ }. جملة حالية.

قال ابن الخطيب: و " قَدْ " معناه: التوكيد، كأنه قال: وتعلمون علماً يقيناً، لا شبهة [لكم] فيه.

قوله: { أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ }.

والمعنى: أنَّ لرسول الله يحترم يقيناً.

قوله: { فَلَمَّا زَاغُوۤا } ، أي: مالوا عن الحق، { أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } أي: أمالهم عن الهدى.

وقيل: { فَلَمَّا زَاغُوۤا } عن الطاعة، { أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } عن الهداية.

وقيل: { فَلَمَّا زَاغُوۤا } عن الإيمان، { أزاغ الله قلوبهم } عن الثواب.

وقيل: لمَّا تركُوا ما أمرُوا به من احترام الرسول - عليه الصلاة والسلام - وطاعة الرب، " خلق " الله في قلوبهم الضلالة عقوبة لهم على فعلهم.

{ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }.

قال الزجاجُ: " يعني من سبق في علمه أنه فاسق ".

قال ابنُ الخطيب: " وهذه الآية تدلّ على عظم إيذاء الرسول، حتى إنه يؤدّي إلى الكفر، وزيغ القلوب عن الهدى ".

قوله: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ }.

أي اذكر لهم هذه القصة أيضاً، وقال: { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ } ولم يقل: " يا قوم " كما قال موسى؛ لأنه لأنه لا نسب له فيهم، فيكونون قومه، وقوله: { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم } أي: بالإنجيل.

قوله: " مُصدِّقاً " حال، وكذلك: " مُبَشِّراً " والعامل فيه: " رسول "؛ لأنه بمعنى المرسل.

قال الزمخشري: فإن قلت: بم انتصب: " مصدقاً، ومبشراً " أبما في الرسول من معنى الإرسال أم بإليكم؟ قلت: بمعنى: الإرسال؛ لأن " إليكم " صلة للرسول، فلا يجوز أن تعمل شيئاً لأن حروف الجر لا تعمل بأنفسها، ولكن بما فيها من معنى الفعل، فإذا وقعت صلات لم تتضمن معنى فعل فمن أين تعمل؟ انتهى.

يعني بقوله: صلات، أنها متعلقة بـ " رسول " صلة له، أي: متصل معناها به لا الصلة الصناعية.

قوله: { يأتي من بعدي } ، وقوله: " اسمه أحمد " ، جملتان في موضع جر نعتاً لرسول.

أو " اسْمهُ أحمدُ " في موضع نصب على الحال من فاعل " يأتي ".

أو تكون الأولى نعتاً، والثانية حالاً، وكونهما حالين ضعيف، لإتيانهما من النكرة وإن كان سيبويه يجوزه.

السابقالتالي
2 3 4 5