الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } الآية.

لما نهى عن مُوالاةِ الكُفَّار ذكر قصة إبراهيم، وأن من سيرته التَّبرؤ من الكُفَّار، أي: فاقتدوا به إلاَّ في الاستغفار لأبيه.

والأسْوَةُ والإسوةُ ما يتأسّى به مثل القُدوة والقِدوة، ويقال: هو أسوتك أي مثلك وأنت مثله وتقدم قراءة " أسوة " في سورة " الأحزاب " والكلام على مادتها.

قوله: { فِيۤ إِبْرَاهِيمَ }. في أوجه:

أحدها: أنه متعلق بـ " أسوة " ، تقول: لي أسوة في فلان، ومنع أبو البقاء أن يتعلق بها لأنها قد وصفت.

وهذا لا يبالى به لأنه يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره.

الثاني: أنه متعلق بـ " حسنة " تعلق الظرف بالعامل.

الثالث: أنه نعتٌ ثانٍ لـ " أسوة ".

الرابع: أنه حال من الضمير المستتر في " حسنة ".

الخامس: أن يكون خبر " كَانَ " و " لَكُمْ " تبيين.

قوله: { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين.

وقال ابن زيدٍ: هم الأنبياء.

قوله: { إِذْ قَالُواْ }. فيه وجهان:

أحدهما: أنه خبر " كان ".

والثاني: أنه متعلق بخبرها.

قالهما أبو البقاء.

ومن جوز في " كان " أن تعمل في الظرف علقه بها، والمراد بقومهم: الكفار.

قوله: { إِنَّا بُرَءآؤ }.

هذه قراءة العامة - بضم الباء وفتح الراء وألف بين همزتين - جمع " بريء " ، نحو " كرماء " في نحو " كريم ".

وعيسى أيضاً وأبو جعفر بضم الباء وهمزة بعد ألف.

وفيه أوجه:

أحدها: أنه جمع بريء أيضاً، والأصل كسر الباء، وإنما أبدل من الكسرة ضمَّة كـ " رُخَال، ورُبَاب " قاله الزمخشري.

الثاني: أنه جمع " بريء " أيضاً وأصله: " برآء " كالقراءة المشهورة إلاَّ أنه حذف الهمزة الأولى تخفيفاً. قاله أبو البقاء.

الثالث: أنه اسم جمع لـ " بريء " نحو: " تؤام، وظؤار " اسمي جمع لـ " توأم، وظِئْر ".

وقرأ عيسى أيضاً بفتح الباء وهمزة بعد ألف، كالتي في " الزخرف " ، وصح ذلك لأنه مصدر، والمصدر يقع على الجمع كوقوعه على الواحد.

قال الزمخشري: " والبراء والبراءة كالظماء والظماءة ".

وقال مكي: وأجاز أبو عمرو وعيسى بن عمر: " بِراء " - بكسر الباء - جعلاه كـ " كريم وكرام ".

قال القرطبي: هو على وزن " فِعَال " مثل: " قِصَار وقصير " ، و " طِوَال وطويل " و " ظراف وظريف " ويجوز ترك الهمزة حتى تقول برآ وتنون.

وأجاز الفراء: بفتح الباء، ثم قال: " وبراءُ " في الأصل مصدر.

السابقالتالي
2 3 4