الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله: { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ }.

لما اعتذر حاطب بأن له أرحاماً وأولاداً فيما بينهم بيَّن الله - تعالى - أن الأهل والأولاد لا ينفعون شيئاً يوم القيامة إن عصى من أجل ذلك.

{ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } فيدخل المؤمنين الجنة، ويدخل الكافرين النار { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.

قوله: { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } يجوز فيه وجهان.

أحدهما: أن يتعلق بما قبله، أي: لن ينفعكم يوم القيامة، فيوقف عليه، ويبتدأ { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ }.

والثاني: أن يتعلق بما بعده، أي: يفصل بينكم يوم القيامة، فيوقف على " أولادكم " ويبتدأ { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }.

والقراء في { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } على أربع مراتب:

الأولى: لابن عامر: بضم الياء وفتح الفاء والصاد مثقلة.

الثانية: مثقلة إلا أنه بكسر الصاد للأخوين.

الثالثة: بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد مخففة لعاصم.

الرابعة: بضم الياء وسكون الفاء وفتح الصاد مخففة للباقين، وهم نافع وابن كثير، وأبو عمرو، وهذا في السبعة.

وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة: بضم الياء وكسر الصاد مخففة وسكون الفاء مخففة من " أفْصَلَ ".

وأبو حيوة أيضاً: " نُفْصِلُ " بضم النون، من " أفصل ".

والنخعي وطلحة: " نُفَصِّلُ " بضم النون وفتح الفاء وكسر الصَّاد مشددة.

وقرأ أيضاً وزيد بن علي: " نَفْصِلُ " بفتح النون وسكون الفاء وكسر الصاد مخففة فهذه أربع، فصارت ثماني قراءات.

فمن بناه للمفعول، فالقائم مقام الفاعل إما ضمير المصدر، أي: يفصل الفصل، أو الظرف، وبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن، كقوله:لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [الأنعام: 94] في أحد الأوجه، أو الظرف وهو باقٍ على نصبه كقولك: جُلِسَ عندك. ثم قال: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ، وفيه سؤال، وهو أنه لِمَ لَمْ يَقُلْ: خبير مع أنه أبلغ في العلم بالشيء؟

والجواب: أنَّ الخبير أبلغ في العلم، والبصير أشهر منه فيه، فإنه يجعله كالمحسُوس بحس البصر.