الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

المقصود من هذه الآية الرَّدُّ على عبدةِ الأصنام، وهي مؤكدة لقوله تعالى قبل ذلك:قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [الأنعام:56].

فقوله: { أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي: أنعبد من دون الله النَّافِعِ الضَّارِّ ما لا يَقْدرُ على نَفْعِنَا إن عبدناهُ، ولا على ضرنا إن تركناه.

قوله: " أنّدْعُوا " استفهام توبيخ وإنكار, والجملة في مَحَلِّ نصب بالقول، و " ما " مفعولة بـ " ندعوا " ، وهي موصولة أو نكرة موصوفة، و { مِن دُونِ ٱللَّهِ } متعلِّقٌ بـ " ندعوا ".

قال أبو البقاء: " ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير في " يَنْفَعُنَا " ولا معمولاً لـ " يَنْفَعُنَا " لتقدُّمهِ على " ما " ، والصلة والصفة لا تَعْملُ فيما قبل الموصول والموصوف.

قوله: " من الضمير في يَنْفعنَا " يعني به المرفوع العائد على " ما " وقوله: " لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف " يعني: أن " ما " لا تخرج عن هذين القسمين ولكن يجوز أن يكون " من دون " حالاً من " ما " نفسها على قوله؛ إذ لم يجعل المانع من جعله حالاً من ضميره الذي في " يَنْفَعُنَا " إلاَّ صِناعِياً لا معنوياً، ولا فرق بين الظاهر وضميره بمعنى أنه إذا جازَ أن يكون حالاً من ظاهره، جاز أن يكون حالاً من ضميره، إلا أن يمنع مَانِعٌ.

قوله: " ونُرَدُّ " فيه وجهان:

أظهرهما: أنه نَسَقٌ على " نَدْعُوا " فهو داخل في حيِّز الاستفهام المُتَسَلِّطِ عليه القَوْلُ.

الثاني: أنه حالٌ على إضمار مبتدأ؛ أي: ونحن نُرَدُّ.

قال أبو حيَّان بعد نقله هنا عن أبي البقاء: " وهو ضعيف لإضمار المبتدأ، ولأنها تكون حالاً مؤكّدة " ، وفي كونها مؤكدة نظرٌ؛ لأن المؤكدة ما فهم معناها من الأوَّلِ، وكأنه يقول: من لازم الدعاء " من دون الله " الارتداد على العقب.

قوله: " عَلى أعْقَابِنَا " فيه وجهان:

أحدهما: أنه معلّق بـ " نُرَدُّ ".

والثاني: أنه متعلِّق بمحذوف على أنه حال من مرفوع " نرد " أي: نرد راجعين على أعْقابنا، أو منقلبين، أو متأخرين كذا قدَّرُوهُ، وهو تفسير معنى؛ إذا المُقَدَّرُ في مثله كونٌ مُطلقٌ، وهذا يحتمل أن يقال فيه: إنه حال مؤكدة، و " بعد إذ " مُتعلِّقٌ بـ " نُرَدُّ ".

[ومعنى الآية: ونرد على أعقابنا إلى الشِّرْكِ مرتدين بعد إذ هدانا الله إلى الإسلام.

يقال لكل من أعْرَضَ عن الحق إلى الباطل: إنه رجع إلى خَلْفٍ، ورجع على عَقِبَيْهِ، ورجع القَهْقَرى؛ لأن الأصل في الإنسان الجَهْلُ ثم يترقى ويتعلم حتى يتكاملن ويحصل له العلم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6