الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }

" من آية " فاعل زيدت فيه " مِنْ " لوُجُودِ الشرطين، فلا تَعَلُّقَ لها.

و " من آيات " صفة لـ " آية " ، فهي في مَحَلِّ جرٍ على اللَّفْظِ، أو رفعٍ على الموضع.

وقال الوَاحِدِيِّ: " مِنْ " في قوله: " مِنْ آية " صفةٌ لـ " آية " أي: آية لاستغراق الجنْسِ الذي يقع في النَّفْيِِ، كقولك: ما أتاني من أحدٍ ".

والثانية: في قوله: " من آياتِ رَبِّهِم " للتبعيض.

والمعنى: وما يظهر لهم دَلِيلٌ قط من الدَّلائِل التي يجب فيها النَّظَرُ والاعتبار، إلاَّ كانوا عنها مُعْرِضينَ، والمُرادُ بهم أهل " مكة " ، والمرادُ بالآيات: إنْشِقاقُ القمر وغيره.

وقال عطاء: يريد: من آيات القرآن.

قوله: " إلاَّ كَانُوا " هذه الجملة الكَوْنِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحال، وفي صاحبها وجهان:

أحدهما أنَّهُ الضميرُ في " تأتيهم ".

والثاني: أنَّهُ " مِنْ آيةٍ " وذلك لتخصيصها بالوَصْفِ.

و " تأتيهم " يحتمل أن يكون ماضي المعنى لقوله: " كَانُوا " ، ويحتمل أنْ يكون مُسْتَقْبَلَ المعنى؛ لقوله " تَأتيهِمْ ".

واعلم أنَّ الفعْلَ الماضي لا يَقَعُ بَعْدَ " إلاَّ " بأحد شَرْطَيْنِ: إمَّا وقوعه بَعْدَ فِعْلٍ كهذه الآية، أو يقترن بـ " قد " نحو: " ما زيدٌ إلاَّ قد قام " وهنا الْتِفَاتٌ من خطابه بقوله " خلقكم " إلى آخره إلى الغيبةِ بقوله: " وَمَا تَأتِيهم ".