قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } فيه خمسة أوجه: أحدهما: أنه منصوبٌ بفعل مُضْمَرٍ بعده، وهو على ظرفيَّتِهِ، أي: يوم نحشرهم كان كيت وكيت، وحُذِف ليكون أبْلَغَ في التَّخْويفِ. والثاني: أنه معطوفٌ على ظرفٍ محذُوفٍ، ذلك الظرف معمول لقوله:{ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } [الأنعام:21] والتقدير: أنه لا يفلح الظَّالمونَ اليوم في الدنيا، ويوم نحشرهم، قاله محمد ابن جَريرٍ. الثالث: أنه منصوبٌ بقوله:{ ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } [الأنعام:24] وفيه بُعْدٌ لِبُعْدِهِ من عامله بكثرة الفواصِلِ. الرابع: أنه مفعولٌ به بـ " اذكر " مقدَّراً. الخامس: أنه مفعولٌ به أيضاً، ونَاصِبُهُ: احذروا أو اتَّقُوا يوم نحشرهم، كقوله:{ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً } [لقمان:33] وهو كالذي قبله فلا يُعَدُّ خامساً. وقرأ الجمهور " نَحْشرهم " بنون العظمة، وكذا " ثم نقول " ، وقرأ حميد، ويعقوب بياء الغَيْبَةِ فيهما، وهو أنه تبارك وتعالى. والجمهورعلى ضم الشين من " نَحْشُرهم " ، وأبو هريرة بكسرها، وهما لغتان في المُضَارع. والضمير المنصوب في " نحشرهم " يعود على المفترين الكَذِبَ. وقيل: على النَّاس كلهم، فيندرج هؤلاء فيهم، والتَّوْبيخُ مختصُّ بهم. وقيل: يعود على المشركين وأصنَامِهِمْ، ويدلُّ عليه قوله:{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [الصافات:22]. و " جَمِيعاً " حالٌ من مفعول " نحشُرهم " ، ويجوز أن يكون توكيداً عند من أثْبَتَهُ من النحويين كـ " أجمعين ". وعطف هنا بـ " ثُمَّ " للتراخي الحاصل بين الحَشْر والقَوْلِ. ومفعولا " تزعمون " محذوفان للعلم بهما، أي: تزعمونهم شركاء، أو تزعمون أنهما شُفَعَاؤكم. وقوله: " ثُمَّ نَقُولُ للَّذينَ " إن جعلنا الضمير في " نَحْشُرهم " عائداً على المفترين الكذبَ، كان ذلك من باب إقامةِ الظَّاهرِ مقامَ المُضْمَرِ، إذ الأصل: ثم نقول لهم، وإنما أظْهِرَ تنبيهاً على قُبْحِ الشرك. وقوله: { أيْنَ شُرَكاؤكُمْ }؟ سؤالُ تَقْريعٍ وتوبيخٍ وتَبْكيتٍ. قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: " كُلُّ زَعْمِ في كتاب الله فالمُرادُ به الكذبُ ".