الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ }

فيه خمسة أوجه:

أحدهما: أنه منصوبٌ بفعل مُضْمَرٍ بعده، وهو على ظرفيَّتِهِ، أي: يوم نحشرهم كان كيت وكيت، وحُذِف ليكون أبْلَغَ في التَّخْويفِ.

والثاني: أنه معطوفٌ على ظرفٍ محذُوفٍ، ذلك الظرف معمول لقوله:لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } [الأنعام:21] والتقدير: أنه لا يفلح الظَّالمونَ اليوم في الدنيا، ويوم نحشرهم، قاله محمد ابن جَريرٍ.

الثالث: أنه منصوبٌ بقوله:ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } [الأنعام:24] وفيه بُعْدٌ لِبُعْدِهِ من عامله بكثرة الفواصِلِ.

الرابع: أنه مفعولٌ به بـ " اذكر " مقدَّراً.

الخامس: أنه مفعولٌ به أيضاً، ونَاصِبُهُ: احذروا أو اتَّقُوا يوم نحشرهم، كقوله:وَٱخْشَوْاْ يَوْماً } [لقمان:33] وهو كالذي قبله فلا يُعَدُّ خامساً.

وقرأ الجمهور " نَحْشرهم " بنون العظمة، وكذا " ثم نقول " ، وقرأ حميد، ويعقوب بياء الغَيْبَةِ فيهما، وهو أنه تبارك وتعالى.

والجمهورعلى ضم الشين من " نَحْشُرهم " ، وأبو هريرة بكسرها، وهما لغتان في المُضَارع.

والضمير المنصوب في " نحشرهم " يعود على المفترين الكَذِبَ.

وقيل: على النَّاس كلهم، فيندرج هؤلاء فيهم، والتَّوْبيخُ مختصُّ بهم.

وقيل: يعود على المشركين وأصنَامِهِمْ، ويدلُّ عليه قوله:ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [الصافات:22].

و " جَمِيعاً " حالٌ من مفعول " نحشُرهم " ، ويجوز أن يكون توكيداً عند من أثْبَتَهُ من النحويين كـ " أجمعين ".

وعطف هنا بـ " ثُمَّ " للتراخي الحاصل بين الحَشْر والقَوْلِ.

ومفعولا " تزعمون " محذوفان للعلم بهما، أي: تزعمونهم شركاء، أو تزعمون أنهما شُفَعَاؤكم.

وقوله: " ثُمَّ نَقُولُ للَّذينَ " إن جعلنا الضمير في " نَحْشُرهم " عائداً على المفترين الكذبَ، كان ذلك من باب إقامةِ الظَّاهرِ مقامَ المُضْمَرِ، إذ الأصل: ثم نقول لهم، وإنما أظْهِرَ تنبيهاً على قُبْحِ الشرك.

وقوله: { أيْنَ شُرَكاؤكُمْ }؟ سؤالُ تَقْريعٍ وتوبيخٍ وتَبْكيتٍ.

قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: " كُلُّ زَعْمِ في كتاب الله فالمُرادُ به الكذبُ ".