الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

قوله: " وكَذَلِك نُوَلِّي " أي: كما خَذَلْنَا عُصَاة الإنْس والجِنِّ حتى اسْتَمْتَع بعضُهم ببَعْصٍ، كذلك نَكِلُ بَعْضَهُم إلى بَعْض في النُّصْرة والمعُونة وقيل: نُسَلِّط بَعْضُهم على بَعْضِ، فَيَاخذ من الظَّالم بالظَّالم؛ كما جاء " من أعَان ظالماً، سَلَّطه اللَّهُ عليه ".

قال قتادة: نجعل بَعْضَهُم أولياء لِبَعْضٍ، فالمؤمِنُ ولي المؤمن أين كان، والكَافِرُ ولِيُّ الكافِر حَيْثُ كان.

وروى مَعْمَر عن قتادة: يتبع بَعْضُهم بَعْضاً في النَّارِ من المْولاة.

وقيل: مَعْنَاه: نُولي ظلمَة الجِنِّ ظلمة الإنْس، ونُولي ظلمَة الإنْس ظلمَة الجِنِّ، أي: نَكِل بَعْضَهم إلى بَعْضٍ؛ كقوله - تبارك وتعالى -:نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ } [النساء:115] فهي نَعْتٌ لمَصْدَر مَحْذُوف، أو في محلِّ رَفْعٍ، أي: الأمَرُ مثل تَوْلِيَة الظالمين، وهو رَأيُ الزَّجَّاج في غَيْر مَوْضِع.

وروى الكَلْبِيُّ عن أبي صالح في تفْسيرها: هو أنَّ الله - تبارك وتعالى - إذا أرادَ بقوم خَيْراً ولِّي أمرهم خِيَارَهُم، وإذا أرَادَ بِقَوْم شَرّاً وَلَّى أمْرَهم شرارهُم.

وروى مَالِك بن دينارٍ قال جَاءَ في [بَعْضِ] كتب الله المنَّزلة أنَّا الله مَالِك المُلُوك، قُلُوب المُلُوكِ بِيَدي، فمن أطاعَنِي، جَعَلْتُهُم عليه رَحْمَة، ومن عَصَانِي جَعَلْتُهم عليه نِقْمَة، لا تَشْغَلُوا أنْفُسَكُم بسبب المُلُوكِ، لكن تُوبُوا إليّ أعَطِّفُهم عليكم.

وقوله: { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } تقدَّم نظيره.