الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله: { مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ }.

" ما " شرطية في موضع نصب بـ " قطعتم " ، و " من لينة " بيان له، و " فبإذن الله " جزاء الشرط، فلا بد من حذف، أي: فقطعها بإذن الله، فيكون " بإذن الله " الخبر لذلك المبتدأ.

واللِّيْنة: فيها خلاف كبير.

قيل: هي النَّخْلة مطلقاً.

وأنشد الشاعر في ذلك: [الطويل]
4737- كَأنَّ قُتُودِي فوقهَا عُشُّ طَائرٍ   عَلَى لِينَةٍ سَوْقاءَ تَهْفُو جُنُوبُهَا
وقال ذو الرمة: [الطويل]
4738- طِرَاقُ الخَوافِي واقِعٌ فَوْقَ لِينَةٍ   نَدَى لَيْلهِ فِي رِيشِهِ يَتَرقْرَقُ
وقيل: هي النَّخْلة ما لم تكن عجوة. قاله الزهري، ومالك، وسعيد بن جبير وعكرمة، والخليل.

وقيل: ما لم تكن عجوة ولا برنيَّة، وهو قول أبي عبيدة.

قال جعفر بن محمد: هي العجوة خاصة، وذكر أن العتيق والعجوة كانتا مع نوح في السفينة والعتيق: الفَحْل، وكانت العجوة أصل الإناث كلها، فلذلك شقّ على اليهود قطعها حكاه الماوردي.

وقيل: هي النَّخْلة الكريمة، أي: القريبة من الأرض.

وأنشد الأخفش رحمة الله عليه: [الخفيف]
4739- قَدْ شَجَانِي الحمَامُ حِينَ تَغَنَّى   بِفِراقِ الأحْبَابِ مِنْ فَوْقِ لِينَهْ
وقال سفيان بن عيينة: هي ضرب من النخل، يقال لثمره: اللَّون. تمره أجود التَّمر، وهو شديد الصُّفرة يرى نواه من خارجه، ويغيب فيه الضِّرْس، النخلة منها أحب إليهم من وصيف.

وقيل: هي الفَسِيْلة؛ لأنها ألينُ من النخلة.

وأنشد: [الخفيف]
4740- غَرَسُوا لِينَةً بِمَجْرَى مَعِينٍ   ثُمَّ حَفُّوا النَّخِيلَ بالآجَامِ
وقيل: اللينة هي الأشجار كلها للينها بالحياة، وأنشد بيت ذي الرمة المتقدم.

وقال الأصمعي: إنها الدَّقَل. قال: وأهل " المدينة " يقولون: لا تنتفخ الموائد حتى توجد الألوان يعنون الدَّقل.

قال ابن العربي: " والصَّحيح ما قاله الزهري ومالك ".

وفي عين " لينة " قولان:

أحدهما: أنها " واو "؛ لأنها من اللون، وإنما قلبت ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها كـ " ديمة " و " قيمة ".

الثاني: أنها " ياء "؛ لأنها من اللين.

وجمع اللينة " لين "؛ لأنه من باب اسم الجنس كـ " تمرة، وتمر ".

وقد كسر على " ليان " وهو شاذّ؛ لأن تكسير ما يفرق بتاء التأنيث شاذ كـ " رطبة ورطب وأرطاب ".

وأنشد: [المتقارب]
4741- وسَالِفَةٍ كَسَحُوقِ اللِّيَا   نِ أضْرَمَ فيهَا الغَويُّ الشُّعُرْ
والضمير في قوله " تَرَكْتُمُوهَا " عائد على معنى " ما ".

قوله: " قَائِمَةً ".

قرأ عبد الله والأعمش وزيد بن علي: " قُوَّماً " على وزن " ضُرَّباً " جمع " قائم " مراعاة لمعنى " ما " فإنه جمع.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9