الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله تعالى: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تقدم نظيره.

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }.

قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: سورة الحشر؟ قال: قل: سورة النَّضير، وهم رهط من اليهود من ذرية هارون - صلوات الله وسلامه عليه - نزلوا بـ " المدينة " في فتن بني إسرائيل انتظاراً لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم فكان من أمرهم ما نصّ عليه.

قوله: { مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ }.

يجوز أن تكون " من " للبيان، فتتعلق بمحذوف، أي: أعني من أهل الكتاب.

والثاني: أنها حال من " الَّذين كفروا ".

وقوله تعالى: { مِن دِيَارِهِمْ } متعلق بـ " أخرج " ، ومعناها: ابتداء الغاية، وصحت إضافة الديار إليهم؛ لأنهم أنشئوها.

قوله: { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }.

هذه اللاَّم متعلقة بـ " أخرج " وهي لام التوقيت، كقوله تعالى:لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } [الإسراء: 78] أي: عند أول الحشر.

وقال الزمخشري: وهي كاللام في قوله تعالى:يَٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [الفجر: 24]، وقوله: " جئت لوقت كذا " وسيأتي الكلام على هذه " اللام " في سورة " الفجر " إن شاء الله تعالى.

فصل في الكلام على الحشر

قال القرطبي: " الحشر ": الجمع، وهو على أربعة أضرب:

حشران في الدنيا وحشران في الآخرة.

أما اللذان في الدنيا فقوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }.

قال الزهري: كانوا من سِبْطٍ لم يصبهم جلاء، وكان الله - عز وجل - قد كتب عليهم الجلاء، فلولا ذلك لعذّبهم في الدنيا، وكان أول حشر حشروا في الدنيا إلى " الشام ".

قال ابن عباس وعكرمة: من شك أن المحشر في " الشام " فليقرأ هذه الآية.

وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " اخْرُجُوا " قالوا: إلى أين؟ قال: " إلى أرْضِ المَحْشَرِ ".

قال قتادة رضي الله عنه: هذا أول المحشر.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: هم أول من حشر من أهل الكتاب، وأخرج من دياره.

وقيل: إنهم أخرجوا إلى " خيبر " ، وإن معنى " لأول الحشر ": إخراجهم من حصونهم إلى " خيبر " ، وآخرهم بإخراج عمر إياهم من " خيبر " إلى " نجد " و " أذرعات ".

وقيل: " تيماء " و " أريحاء " ، وذلك بكفرهم ونقض عهدهم.

وأما الحشر الثاني: فحشرهم قرب القيامة.

قال قتادة: تأتي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيلُ معهم حيث قالوا، وتأكل من تخلف منهم، وهذا ثابت في الصحيح.

السابقالتالي
2 3 4