الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

ثم إنه - تعالى - أكد بيان كونه عالماً بكل المعلومات، فقال جل ذكره: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } فلا يخفى عليه سرّ ولا علانية.

قوله تعالى: { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ }.

" يكون " تامة، و " من نجوى " فاعلها، و " من " مزيدة فيه، و " نجوى " في الأصل مصدر، فيجوز أن يكون باقياً على أصله، ويكون مضافاً لفاعله، أي: ما يوجد من تناجي ثلاثة، ويجوز أن يكون على حذف، أي: من ذي نَجْوَى، ويجوز أن يكون أطلق على الأشخاص المتناجين مبالغة.

فعلى هذين الوجهين ينخفض " ثلاثة " على أحد وجهين:

إما البدل من " ذوي " المحذوفة، وإما الوصف لها على التقدير الثاني، وإما البدل، أو الصفة لـ " نجوى " على التقدير الثالث.

وقرأ ابن أبي عبلة: " ثلاثة " ، و " خمسة " نصباً على الحال، وفي صاحبها وجهان:

أحدهما: أنه محذوف مع رافعه تقديره: يتناجون ثلاثة، وحذف لدلالة " نجوى ".

والثاني: أنه الضمير المستكن في " نجوى " إذا جعلناها بمعنى المتناجين [قاله الزمخشري، رحمه الله.

قال مكي: " ويجوز في الكلام رفع " ثلاثة " على البدل من موضع " نجوى "؛ لأن موضعها رفع و " من " زائدة، ولو نصبت " ثلاثة " على الحال من الضمير المرفوع إذا جعلت " نجوى " بمعنى المتناجين جاز في الكلام " ].

قال شهاب الدين: " ولا يقرأ به فيما علمت، وهو جائز في غير القرآن كما قال، وأما النصب فقد قرىء به، وكأنه لم يطلع عليه ".

قوله: { إلا هو رابعهم } ، { إلا هو خامسهم } ، { إلا هو معهم } كل هذه الجمل بعد " إلا " في موضع نصب على الحال أي: ما يوجد شيء من هذه الأشياء إلا في حال من هذه الأحوال، فالاستثناء مفرغ من الأحوال العامة.

وقرأ أبو جعفر: " ما تكون " بتاء التأنيث لتأنيث النجوى.

قال أبو الفضل: إلا أنَّ الأكثر في هذا الباب التذكير على ما في قراءة العامة؛ لأنه مسند إلى " من نجوى " وهو اسم جنس مذكر.

قال ابن جني: التذكير الذي عليه العامة هو الوجه؛ لوقوع الفاصل بين الفعل والفاعل، وهو كلمة " من " ، ولأن تأنيث النجوى غير حقيقي.

قوله: " ولا أكْثرَ ".

العامة على الجر عطفاً على لفظ " نجوى ".

وقرأ الحسن، والأعمش، وابن أبي إسحاق، وأبو حيوة ويعقوب: " ولا أكثر " بالرفع، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه معطوف على موضع " نجوى " لأنه مرفوع، و " من " مزيدة، فإن كان مصدراً كان على حذف مضاف كما تقدم، أي: من ذوي نجوى، وإن كان بمعنى متناجين، فلا حاجة إلى ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5