الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } * { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ }.

خفف الصاد منهما ابن كثير، وثقلها باقي السَّبعة.

فقراءة ابن كثير من التصديق، أي: صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، كقوله:وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } [الزمر: 33]، وقراءة الباقين من الصدقة وهو مناسب لقوله: " وأقرضوا " والأصل: المتصدّقين والمتصدّقات، فأدغم، وبها قرأ أبي.

وقد يرجح الأول بأن الإقْرَاض مُغنٍ عن ذكر الصدقة.

قوله: " وأقْرَضُوا " فيه ثلاثة أوجه:

[أحدها]: أنه معطوف على اسم الفاعل في " المصدّقين "؛ لأنه لما وقع صلة لـ " ال " حل محل الفعل، كأنه قيل: إن الذين صدقوا وأقرضوا، وعليه جمهور المعربين، وإليه ذهب الفارسي، والزمخشري، وأبو البقاء.

وهو فاسد؛ لأنه يلزم الفصل بين أبعاض الصِّلة بأجنبي، ألا ترى أنَّ " المصدقات " عطف على " المصدقين " قبل تمام الصِّلة، ولا يجوز أن يكون عطفاً على " المصدقات " لتغايُر الضمائر تذكيراً وتأنيثاً.

الثاني: أنه معترض بين اسم " إن " وخبرها، وهو " يضاعف ".

قال أبو البقاء: " وإنما قيل ذلك لئلاَّ يعطف الماضي على اسم الفاعل ".

قال شهاب الدين: " ولا أدري ما هذا المانع؛ لأن اسم الفاعل متى وقع صلة لـ " ال " صلح للأزمنة الثلاثة، ولو منع بما ذكرته من الفصل بأجنبي لأصاب، ولكن خفي عليه كما خفي على الفارسي والزمخشري ".

الثالث: أنه صلةٌ لموصول محذوف لدلالة الأول عليه، كأنه قيل: " الذين أقرضوا "؛ كقوله: [الوافر]
4722- أمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّه مِنْكُمْ   ويَنْصُرهُ ويمْدَحهُ سَوَاءُ؟
أي: ومن ينصره، واختاره أبو حيان.

قال ابن الخطيب: وفي الآية إشكال، وهو أن عطفه الفعل على الاسم قبيحٌ، فما فائدة التزامه هنا؟.

وأجاب بأن الزمخشري قال: " وأقرضوا " معطوف على معنى الفعل في التصديق؛ لأن " اللام " بمعنى " الذين " ، واسم الفاعل بمعنى " صدقوا وأقرضوا ".

قال: وهذا لا يزيل الإشكال، فإنه ليس فيه بيان أنه لم عدل عن ذلك اللفظ [إلى هذا اللفظ].

والذي عندي فيه أن الألف واللام في " المصدّقين والمصدّقات " للمعهود، فكأنه ذكر جماعة معينين بهذ الموصف، ثم قبل ذكر الخبر أخبر عنهم بأنهم أتوا بأحسن أنواع الصدقة، وهو القرضُ، ثم ذكر الخبر بعد ذلك فقال: " يُضَاعَفُ لَهُمْ ".

فقوله: " وأقرضوا "؛ كقوله: [السريع]
4723- إنَّ الثَّمَانينَ وبُلِّغْتَهَا   ...................
قوله: { يُضَاعَفُ لَهُمْ } في القائم مقام الفاعل وجهان:

أظهرهما: أنه الجار بعده.

والثاني: أنه ضمير التصديق، ولا بد من حذف مضاف، أي: ثواب التصديق.

وقرأ الأعمش؛ " يُضَاعِفُهُ " بكسر العين، وزيادة هاء.

السابقالتالي
2 3 4 5