الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } * { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

قوله تعالى: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.

أي: مجّد الله ونزّهه عن السوء.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: صلى لله ما في السموات من خلق من الملائكة والأرض من شيء فيه روح، أو لا روح فيه.

وقيل: هو تسبيح الدلالة.

وأنكر الزجَّاج هذا وقال: لو كان هذا تسبيح الدلالة، وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة، فلم قال:وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44].

وإنما التسبيح مقال، واستدل بقوله تعالى:وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ } [الأنبياء: 79]، ولو كان هذا التسبيح تسبيح دلالة، فأي تخصيص لداود؟.

وقال القرطبي: هذا هو الصحيح.

فصل في الكلام على الفعل سبح

هذا الفعل عدي باللام تارة كهذه السورة، وأخرى بنفسه كقوله تعالى:وَسَبِّحُوهُ } [الأحزاب: 42]، وأصله التعدي بنفسه، لأن معنى " سبحته ": بعدته عن السوء، فاللام إما أن تكون مزيدة كهي في نصحت لزيد، ونصحته، وشكرته، وشكرت له؛ إذ يقال: سبحت الله تعالى، قال:وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } [الأعراف: 206]. وإما أن تكون للتعليل، أي: أحدث التسبيح لأجل الله تعالى.

وجاء في بعض الفواتح " سبَّح " بلفظ الماضي، وفي [بعضها] بلفظ المضارع، وذلك إشارة إلى أن هذه الأشياء مسبحة في كل الأوقات، لا يختص بوقت دون وقت، بل هي مسبحة أبداً في الماضي، وستكون مسبحة أبداً في المستقبل.

قوله: { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }.

" العزيز ": الغالب القادر الذي لا ينازعه شيء، وذلك إشارة إلى كمال القدرة.

" الحكيم ": الذي يفعل أفعاله على وفق الحكمة والصواب.

قوله تعالى: { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.

جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

وحقيقة " المُلْك " عبارة عن نفوذ الأمر، فهو سبحانه وتعالى المالك القادر القاهر.

وقيل: أراد خزائن المطر والنبات والرِّزق.

قوله: { يُحْيِـي وَيُمِيتُ }.

يجوز في هذه الجملة ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها لا محل [لها] كالتي قبلها.

والثاني: أنها خبر مبتدأ مضمر، أي: هو له ملك.

الثالث: أنه الحال من الضمير في " له " فالعامل فيها الاستقرار.

ولم يذكر مفعول الإحياء والإماتة؛ إذ الغرض ذكر الفعلين [فقط، والمعنى ليميت] الأحياء في الدنيا، ويحيي الأموات للبعث.

وقيل: هو يحيي النُّطف، وهي أموات، ويميت الأحياء.

قال ابن الخطيب: " وعندي فيه وجه ثالث، وهو أنه ليس المراد منه تخصيص الإحياء والإماتة بزمان معين، وبأشخاص معينين، بل معناه: أنَّه القادر على خلق الحياة والموت، كقوله تعالى:ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } [الملك: 2]، [والمقصود منه] كونه - تعالى - هو المنفرد بإيجاد هاتين الماهيتين على الإطلاق لا يمنعه عنهما مانع.

قوله: { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء.

قوله تعالى: { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ } الآية.

قال الزمخشري: فإن قلت: [فما معنى " الواو "؟].

السابقالتالي
2 3 4