الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } * { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } * { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

قوله: { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ }.

ترتيب الآية الكريمة: فلولا ترجعونها - أي النَّفس - إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين.

و " لولا " الثانية مكررة للتوكيد قاله الزمخشري.

قال شهاب الدين: فيكون التقدير: فلولا فلولا ترجعونها من باب التوكيد اللفظي، ويكون " إذا بلغت " ظرفاً لـ " تَرْجعُونها " مقدماً عليه؛ إذ لا مانع منه، أي فلولا ترجعون النَّفس في وقت بلوغها الحُلْقُوم.

وقوله: { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ }.

جملة حالية من فاعل " بلغت ".

والتنوين في " حينئذٍ " عوض من الجملة المضاف إليها أي: إذا بلغت الحلقوم، خلافاً للأخفش، حيث زعم أن التنوين للصَّرف، والكسر للإعراب. وقد مضى تحقيقه.

وقرأ العامة: بفتح نون " حينئذ " لأنه منصوب على الظرف، ناصبه " تنظرون " وعيسى: بكسرها.

وهي مشكلة لا تبعد عن الغلط عليه، وخرجت على الإتباع لحركة الهمزة.

ولا عرف في ذلك، فليس بأبعد من قرأ: " الحَمْدِ لله " بكسر الدال لتلازم المتضايفين، ولكثرة دروهما على الخصوص.

فصل في تحرير معنى الآية

قال المفسرون: معنى الآية فهلا إذا بلغت النفس، أو الروح الحلقوم، ولم يتقدم لها ذكر؛ لأن ذلك معروف.

قال حاتم: [الطويل]
4714- أمَاويُّ ما يُغْنِي الثَّرَاءُ عن الفَتَى   إذَا حَشْرَجَتْ يَوْماً وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
وفي الحديث: " إنَّ مَلَكَ المَوْتِ لهُ أعْوانٌ يَقْطعُونَ العُرُوق، ويَجْمَعُونَ الرُّوح شَيْئاً فَشَيْئاً حتَّى ينتهي بها إلى الحُلْقُومِ، فيتوفَّاها ملكُ الموتِ ".

{ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } أمري وسلطاني.

وقيل: تنظرون إلى الميت لا تقدرون له على شيء.

قال ابن عباس: يريد من حضر من أهل الميِّت ينتظرون متى تخرج نفسه.

ثم قيل: هو رد عليهم في قولهم لإخوانهم:لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } [آل عمران: 156]، فهلاَّ ردوا روح الواحد منهم إذا بلغت الحُلْقُوم.

وقيل: المعنى فهلاَّ إذا بلغت نفس أحدكم الحُلْقُوم عند النَّزْع، وأنتم حضور أمسكتم روحه في جسده مع حرصكم على امتداد عمره، وحبكم لبقائه، وهذا رد لقولهم:نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } [الجاثية: 24].

قوله: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ }.

يجوز أن يكون حالاً، أي: تنظرون في هذه الحال التي تخفى عنكم.

وأن تكون مستأنفة، فيكون اعتراضاً، والاستدراك ظاهر.

والبصر يجوز أن يكون من البَصِيْرَة، والمعنى: ونحنُ أقرب إليه منكم بالقدرة والعلم والرُّؤية.

قال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلاَّ رأيت الله - تعالى - أقرب إليَّ منه.

وأن يكون من البصر، أي لا تنظرون أعوان ملك الموت، والمعنى: أن رسلنا الذين يتولون قبض روحه أقرب إليه منكم لكن لا ترونهم.

قوله: { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ }.

" إن كنتم " شرط، جوابه محذوف عند البصريين لدلالة " فلولا " عليه، أو مقدم عند من يرى ذلك كما تقدم تقريره.

السابقالتالي
2 3 4 5