الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }

قوله: { فَلاَ أُقْسِمُ }.

قرأ العامة: " فَلاَ " لام ألف.

وفيه أوجه:

أحدها: أنها حرف نفي، وأنَّ النفي بها محذوف، وهو كلام الكافر الجاحد، تقديره: فلا حجة لما يقول الكُفَّار، ثم ذكر ابتداء قسماً بما ذكر.

وإليه ذهب كثير من المفسِّرين والنحويين.

قال الفرَّاء: " هي نفي، والمعنى: ليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف [القسم]، كما تقول: " لا والله ما كان كذا " ولا يريد به نفي اليمين، بل يريد به نفي كلام تقدم، أي: ليس الأمر كما ذكر، بل هو كذا ".

وضعِّف هذا بأن فيه حذف اسم " لا " وخبرها.

قال أبو حيَّان: " ولا يجوز ولا ينبغي، فإنَّ القائل بذلك مثل سعيد بن جبير تلميذ خبر القرآن وبحره عبد الله بن عباس.

ويبعد أن يقوله إلا بتوقيفٍ ".

الثاني: أنَّها زائدة للتأكيد. والمعنى: فأقسم، بدليل قوله: وإنه لقسم، ومثله في قوله تعالى:لِّئَلاَّ يَعْلَمَ } [الحديد: 29]، والتقدير: ليعلم.

وكقوله: [الطويل]
4706- فَلاَ وأبِي أعْدائِهَا لا أخُونُهَا   
الثالث: أنها لام الابتداء، والأصل: فلأقسم، فأشبعت الفتحة، فتولّد منها ألف.

كقوله: [الرجز]
4707- أعُوذُ باللَّهِ مِنَ العَقْرَابِ   
قاله أبو حيَّان.

واستشهد بقراءة هشام: " أفئيدة ".

قال شهاب الدين: " وهذا ضعيف جدًّا ".

واستند أيضاً لقراءة الحسن وعيسى: " فلأقسم " بلام واحدة.

وفي هذه القراءة تخريجان:

أحدهما: أن " اللام " لام الابتداء، وبعدها مبتدأ محذوف، والفعل خبره، فلما حذف المبتدأ اتصلت " اللام " بخبره، وتقديره: " فلأنا أقسم " نحو: " لزيد منطلق ".

قاله الزمخشري وابن جني.

والثاني: أنها لام القسم دخلت على الفعل الحالي، ويجوز أن يكون القسم جواباً للقسم، كقوله:وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ } [التوبة: 107]، وهو جواب لقسم مقدر ويجوز أن يكون القسم كذلك وهذا هو قول الكوفيين، يجيزون أن يقسم على فعل الحال. والبصريون يأبونه، ويخرجون ما يوهم ذلك على إضمار مبتدأ، فيعود القسم على جملة اسمية.

ومنع الزمخشري أن تكون لام القسم.

قال: لأمرين:

أحدهما: أن حقها أن تقرن بالنون المؤكدة، والإخلال بها ضعيف قبيحٌ.

والثاني: أن " لأفعلن " في جواب القسم للاستقبال، وفعل القسم يجب أن يكون للحال.

يعني أن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال.

وأمَّا قوله: " إنَّ حقَّها أن تقرن بها النون " ، هذا مذهب البصريين أيضاً. وأمَّا الكوفيون فيجيزون التَّعاقب بين اللام والنون، نحو: " والله لأضرب زيداً " كقوله: [الطويل]
4708- لَئِنْ تَكُ قَدْ ضَاقَتْ عَليْكُم بُيُوتكُمْ   ليَعْلَمُ ربِّي أنَّ بَيْتِيَ واسِعُ
و " الله اضربن زيداً ".

كقوله: [الكامل]
4709- وقَتِيلِ مُرَّة أثأَرَنَّ...   ........................
وقد تقدم قريب من هذه الآية في قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8