الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

قوله تعالى: { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ }.

رجع إلى ذكر أصحاب الميمنة، والتكرير لتعظيم شأن النَّعيم.

فإن قيل: ما الحكمة في ذكرهم بلفظ " أصحاب الميمنة " عند تقسيم الأزواج الثلاثة؟ فلفظ " أصحاب الميمنة " " مَفْعَلَة " إمَّا بمعنى موضع اليمين [كالحكمة موضع الحكم، أي: الأرض التي فيها " اليمن " ، وإمَّا بمعنى موضع اليمين] كالمنارة موضع النار، والمِجْمَرة موضع الجمرة، وكيفما كان، فالميمنة فيها دلالة على الموضع، لكن الأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميزون بعضهم عن بعض ويتفرَّقون، لقوله تعالى:يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [الروم: 14]، وقال:يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [الروم: 43] فيتفرقون بالمكان، فأشار إليهم في الأول بلفظ يدلّ على المكان، ثم عند الثواب وقع تفريقهم بأمر منهم لا بأمر هم فيه وهو المكان، فقال: " وأصْحَابُ اليَمِينِ " أي الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم.

وقيل: أصحاب القوة.

وقيل: أصحاب النور.

قوله: { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ }.

قال ابن عبَّاس وغيره: { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } أي: في نَبْق قد خُضِدَ شَوْكُه.

وذكر ابن المبارك قال: أخبرنا صفوان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إنه لينفعنا الأعراب ومسائلهم، قال: " أقبل أعرابي يوماً، فقال: يا رسول الله: لقد ذكر الله شجرة في القرآن مُؤذية، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومَا هِيَ؟.

قال: السِّدْر، فإن له شوكاً مؤذياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو لَيْسَ يقولُ: " سِدْرٌ مخْضُودٌ " خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها تنبت ثمراً، يفتق الثمر منها عن اثنين وسبعين لوناً من الطعام، ما فيه لون يشبه الآخر " ".

وقال أبو العالية والضحاك: نظر المسلمون إلى " وجٍّ " - وهو واد بـ " الطائف " مخصب - فأعجبهم سدره، فقالوا: يا ليت لنا مثل هذه، فنزلت.

قال أمية بن أبي الصَّلت رضي الله عنه يصف الجنَّة: [الكامل]
4687- إنَّ الحَدَائِقَ في الجِنَانِ ظَليلَةٌ   فِيهَا الكَواعِبُ سِدْرُهَا مَخْضُودُ
وقال الضحاك ومجاهد ومقاتل بن حيان: " في سدر مخضود " هو الموقر حملاً.

وقال سعيد بن جبير: ثمرها أعظم من القلال.

قوله: { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ }.

و " الطَّلْحُ ": جمع الطَّلحة. قال علي وابن عباس وأكثر المفسرين: الطَّلْح: شجر الموز، واحده طلحة.

وقال الحسن: ليس موزاً، ولكنه شجر له ظل بارد رطب.

وقال الفرَّاء وأبو عبيدة: شجر عظام له شوك.

قال الجعديُّ: [الرجز]
4688- بَشَّرها دليلُها وقَالاَ   غَداً تَريْنَ الطَّلْحَ والحِبَالا
فـ " الطَّلْح ": كل شجر عظيم كثير الشوك.

وقال الزجاج: هو شجر أم غيلان.

السابقالتالي
2 3 4 5