الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

قوله تعالى: { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ }.

أي: من دون تلك الجنتين المتقدمتين جنَّتان في المنزلة وحسن المنظر، وهذا على الظاهر من أن الأوليين أفضل من الأخريين، وقيل: بالعكس، ورجحه الزمخشري.

وقال: قوله: { مُدْهَآمَّتَانِ } مع قوله في الأوليين:ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [الرحمن: 48] يدل على أن مرتبة هاتين دونهما، وكذلك قوله في الأوليين:فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } [الرحمن: 50] مع قوله في هاتين: { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ }؛ لأن النضخ دون الجري، وقوله في الأوليين:فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ } [الرحمن: 52] مع قوله في هاتين: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ } ، وقوله في الأوليين:فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } [الرحمن: 54] حيث ترك ذكر الظهائر لعلوها ورفعتها، وعدم إدراك العقول إياها، مع قوله في هاتين: " رفرفٍ خُضرٍ " دليل عليه.

وقال القرطبي: لما وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما، فقال في الأوليين:فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ } [الرحمن: 52] وفي الأخريين: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } ولم يقل: من كل فاكهة.

وقال في الأوليين:مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } [الرحمن: 54] وهو الدِّيباج.

وفي الأخريين: { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } [الرحمن: 76] و " العَبْقَرِي ": الوشْي، والديباج أعلى من الوشي.

والرفرف: كسرُ الخباء، والفرش المعدة للاتِّكاء عليها أفضل من كسر الخباء.

وقال في الأوليين في صفة الحور:كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } [الرحمن: 58].

وفي الأخريين: { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ } ، وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان.

وقال في الأوليين:ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [الرحمن: 48].

وفي الأخريين: { مُدْهَآمَّتَانِ } أي: خضراوان كأنهما من شدة خضرتهما سوداوان، وفي هذا كله بيان لتفاوت ما بينهما.

قال ابن الخطيب: ويمكن أن يجاب الزمخشري بأن الجنتين اللتين من دونهما لذريتهم التي ألحقهم الله - تعالى - بهم ولأتباعهم لا لهم، وإنما جعلها لهم إنعاماً عليهم، أي: هاتان الأخريان لكم، أسكنوا فيهما من تريدون.

وقيل: إن المراد بقوله: { وَمِن دُونِهِمَا } أي: دونهما في المكان، كأنهم في جنتين، ويطلعون من فوق على جنتين أخريين، بدليل قوله تعال:لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [الزمر: 20].

وقال ابن عباس: ومن دونهما في الدّرج.

وقال ابن زيد: ومن دونهما في الفضل.

وقال ابن عباس: والجنات لمن خاف مقام ربه، فيكون في الأوليين: النخل والشجر وفي الأخريين: الزرع والنبات.

وقيل: المراد من قوله: { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } لأتباعه لقصور منزلتهم عن منزلة أحدهما للحور العين، والأخرى للولدان المخلدون ليتميز بها الذكور من الإناث.

وقال ابن جريج: هي أربع جناتٍ منها للسابقين المقربين فيها من كل فاكهة زوجان، وعينان تجريان، وجنات لأصحاب اليمين فيها فاكهة ونخل ورمان.

وقال أبو موسى الأشعري: جنتان منها للسَّابقين، وجنتان من فضَّة للتابعين.

وقال عليه الصلاة والسلام: " جَنَّتانِ من فضَّةٍ، آنيتُهمَا وما فيهمَا، وجنَّتانِ مِنْ ذهبٍ آنيتُهُمَا وما فِيهَما، وما بَيْنَ القَوْمِ وبيْنَ أن يَنْظرُوا إلى ربِّهِمْ إلاَّ رِدَاءُ الكِبرياءِ على وجْهِهِ في جنَّة عدْنٍ ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8