الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } * { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } غلب من يعقل على غيره، وجميعهم مراد.

والضمير في " عليها " للأرض.

قال بعضهم: وإن لم يجر لها ذكر، كقوله:حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } [ص: 32].

ورد هذا بأنه قد تقدم ذكرها في قوله:وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا } [الرحمن: 10].

وقيل: الضمير عائد إلى الجارية.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة: هلك أهل الأرض. فنزلتكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص: 88] فأيقنت الملائكة بالهلاك. وقاله مقاتل.

ووجه النعمة في فناء الخلق: التسوية بينهم في الموت.

وقيل: وجه النِّعمة أن الموت سبب النَّقل إلى دار الجزاء والثواب.

قوله: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } أي ويبقى الله، فالوجه عبارة عن وجود ذاته سبحانه وتعالى.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: الوجه عبارة عنه، كما قال { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }.

ويقال: هذا وجه الأمر، ووجه الصواب، وعين الصواب، ومعنى { ذو الجلال والإكرام } أي: هو أهل لأن يكرم، وهذا خطاب مع كل سامع.

وقيل: خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: كيف خاطب الاثنين بقوله: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا }.

وخاطب هاهنا الواحد فقال: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } ، ولم يقل: " وجْه ربِّكُمَا "؟.

فالجواب: أن الإشارة هاهنا وقعت إلى فناء كل أحد، فقال: { ويبقى وجه ربك } أيها السامع ليعلم كل أحد أن غيره فانٍ، فلو قال: ويبقى وجه ربكما، لكان كل أحد يخرج نفسه، ورفيقه المخاطب عن الفناء.

فإن قيل: فلو قال: " ويبقى وجه الرّب " من غير خطاب، كان أدَلَّ على فناء الكل؟.

فالجواب: إن كان الخطاب في الرب إشارة إلى اللطف، والإبقاء إشارة إلى القهر، والموضع موضع بيان اللطف، وتعديد النعم، فلهذا قال: بلفظ الرب وكاف الخطاب.

قوله تعالى: { ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }.

العامة على " ذو " بالواو صفة للوجه، وأبي، وعبد الله: " ذي " بالياء صفة لـ " ربّك ". وسيأتي خلاف القراء في آخر السورة إن شاء الله تعالى.

و " الجلال ": العظمة والكبرياء.

و " الإكرام ": يكرم أنبياء وأولياءه بلُطفه مع جلاله وعظمته.

قوله تعالى: { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فيه وجهان:

أحدهما: أنه مستأنف.

والثاني: أنه حال من " وجه " ، والعامل فيه " يبقى " أي يبقى مسئولاً من أهل السموات والأرض.

وفيه إشكال؛ لأنه لما قال: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } كان إشارة إلى بقائه بعد فناء من على الأرض، فكيف يكون في ذلك الوقت مسئولاً لمن في الأرض؟.

قال ابن الخطيب: والجواب من وجوه.

الأول: أنهم يفنون بالنظر إليه، لكنهم يبقون بإبقاءِ الله، فيصح أن يكون الله مسئولاً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10