الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قال تعالى: " الرَّحْمن " فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: " الله الرحمن ".

الثاني: أنه مبتدأ وخبره مضمر، أي: " الرحمن ربنا " وهذان الوجهان عند من يرى أن " الرحمن " آية مع هذا المضمر معه، فإنهم عدُّوا الرحمن " آية ".

ولا يتصور ذلك إلا بانضمام خبر أو مخبر عنه إليه؛ إذ الآية لا بد أن تكون مفيدة، وسيأتي ذلك في قوله:مُدْهَآمَّتَانِ } [الآية: 64].

الثالث: أنه ليس بآية، وأنه مع ما بعده كلام واحد، وهو مبتدأ، خبره " عَلَّم القُرْآنَ ".

فصل في بيان مناسبة السورة

افتتح السورة التي قبلها بذكر معجزة تدل على القهر [والغلبة] والجبروت، وهو انشقاق القمر، فمن قدر عليه قدر على قطع الجبال وإهلاك الأمم، وافتتح هذه السورة بذكر معجزة تدلّ على الرحمة، وهي القرآن، وأيضاً فأولها مناسب لآخر ما قبلها؛ لأن آخر تلك أنهمَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55] وأول هذه أنه رحمن.

قال بعضهم: إن " الرحمن " اسم علم، واحتج بقوله تعالى:قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } [الإسراء: 110].

وأجاز أن يقال: " يالرحمن " باللام، كما يقال: " يا الله " وهذا ضعيف، وهو مختص بالله تعالى، فلا يقال لغيره.

قال سعيد بن جبير، وعامر الشعبي: " الرحمن " فاتحة ثلاثة سور إذا جمعن كن اسماً من أسماء الله تعالى: " الر " و " حم " و " نون " ، فيكون مجموع هذه " الرحمن ".

ولله - تعالى - رحمتان:

رحمة سابقة بها خلق الخلق، ورحمة لاحقة بها أعطاهم الرزق والمنافع، فهو رحمن باعتبار السَّابقة، رحيم باعتبار اللاحقة، ولما اختص بالإيجاد لم يقل لغيره: رحمن، ولما تخلق بعض خلقه الصالحين ببعض أخلاقه بحسب الطَّاقة البشرية، فأطعم ونفع، جاز أن يقال له: رحيم.

قوله: " عَلَّم القُرآن " فيه وجهان:

أظهرهما: أنه " علم " المتعدية إلى اثنين أي عرف من التعليم، فعلى هذا المفعول الأول محذوف.

قيل: تقديره: علم جبريل القرآن.

وقيل: علم محمداً.

وقيل: علم الانسان، وهذا أولى لعمومه، ولأن قوله: " خَلَقَ الإنْسان " دال عليه.

والثاني: أنها من العلامة، والمعنى: جعله علامة، وآية يعتبر بها، أي: هو علامة النبوة ومعجزة، وهذا مناسب لقوله تعالى:وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [القمر: 1]. على ما تقدم أنه ذكر في أول تلك السورة معجزة من باب الهيبة، وذكر في هذه السورة معجزة من باب الرحمة، وهو أنه يسر من العلوم ما لا يسره غيره، وهو ما في القرآن، أو يكون بمعنى أنه جعله بحيث يعلم كقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد