الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } * { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } * { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ }. لما ذكر الله - تعالى - خلق العالم الكبير من السماء والأرض، وما فيها من الدلالات على وحدانيته وقدرته، ذكر خلق العالم الصَّغير، فقال: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ }.

قال المفسرون: يعني: آدم من صلصال وهو الطين اليابس الذي يسمع له صلصلة، وشبهه بالفخَّار الذي طبخ.

وقيل: هو طين خلط برملٍ.

وقيل: هو الطين المُنتنُ، من صلَّ اللحم وأصلَّ: إذا أنْتَنَ.

وقال هنا: { مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ }.

وقال في " الحجر ":مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 26] وقال:إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [الصافات: 11].

وقال:كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [آل عمران: 59].

وكله متفق المعنى، وذلك أنه أخذ من تراب الأرض، فعجنه فصار طيناً، ثم انتقل فصار كالحَمَأ المسنون، ثم يبس فصار صلصالاً كالفخار.

فقوله: " كالفخَّار " نعت لـ " صَلْصَالٍ ". وتقدم تفسيره.

قوله: { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ }.

قيل هو اسم جنس كالإنسان.

وقيل: هو أبو الجن " إبليس ".

وقيل: هو أبوهم، وليس بـ " إبليس ".

قوله: { مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } " من " الأولى لابتداء الغاية.

وفي الثانية وجهان:

أحدهما: أنها للبيان.

والثاني: أنها للتبعيض.

و " المَارِجُ ": قيل: ما اختلط من أحمر وأصفر وأخضر، وهذا مشاهد في النار ترى الألوان الثلاثة مختلطاً بعضها ببعض.

وقيل: الخالص.

وقيل: الأحمر وقيل: الحمرة في طرف النَّار.

وقيل المختلط بسواد.

وقيل: اللهب المضطرب.

وقال الليث: " المارج ": الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه اللهب الذي يعلو النَّار، فيختلط بعضه ببعض أحمر وأخضر وأصفر، ونحوه عن مجاهد.

وقيل: " المَارِجُ " المرسل غير ممنوع.

قال المبرد: " المارج ": النار المرسلة التي لا تمنع.

وقال أبو عبيدة والحسن: " المارج ": المختلط النار، وأصله من مرج إذا اضطرب، واختلط.

قال القرطبي: يروى أن الله - تعالى - خلق نارين، فمرج إحداهما بالأخرى، فأكلت إحداهما الأخرى، وهي نار السَّمُوم، فخلق منها " إبليس ".

قال القشيري: " والمارج " في اللغة: المرسل أو المختلط، وهو فاعل بمعنى مفعول كقوله:مَّآءٍ دَافِقٍ } [الطارق: 6] وعِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [الحاقة: 21]، والمعنى: " ذو مرج ".

{ مِّن نَّارٍ } نعت لـ { مَّارِجٍ }.

وتقدم الكلام على قوله: " فبأي آلاء " إلى آخرها.

قوله تعالى: { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ }.

العامة على رفعه.

وفيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: أنه مبتدأ، خبره { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } ، وما بينهما اعتراض.

الثاني: أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: " هُو ربُّ " أي: ذلك الذي فعل هذه الأشياء.

الثالث: أنه بدل من الضمير في " خلق ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6