الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } * { خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } * { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ }

قوله: " فتول عنهم " أي أعرض عنهم. قال أكثر المفسرين: نسختها آية السيف. قال ابن الخطيب إن قول المفسرين في قوله: " فَتَوَلَّ " منسوخ ليس كذلك، بل المراد منه لا تُنَاظِرْهُمْ بالكلام.

قوله: { يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } " يوم " منصوب إما بـ " اذكر " مضمرةً وهو أقربها. وإليه ذهب الرُّمَّانيُّ، والزمخشري وإما بـ " يَخْرُجُونَ " بعده. وإليه ذهب الزمخشري أيضاً، وإما بقوله: " فَمَا تُغْنِ " ويكون قوله: " فَتَوَلَّ عَنْهُمْ " اعتراضاً، وإما منصوباً بقوله: " يَقُولُ الْكَافِرُونَ ". وفيه بعدٌ لبعده عنه.

وقيل: تم الكلام عند قوله:فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } [القمر: 5] ويبتدأ بقوله: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } فيكون منصوباً بقوله: " فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ". وهو ضعيف جداً؛ لأن المعنى ليس أمره بالتولية عنهم في يوم النفخ في الصور، وإمَّا منصوب بحذف الخافض أي فتول عنهم إلى يوم. قاله الحسين وضعف من حيثُ اللَّفْظ ومن حيث المعنى أما اللفظ، فلأن إسقاط الخافض غير منقاس، وأما المعنى فليس تَوَلِّيهِ عنهم مُغَيًّا بذلك الزمان، وإما بانْتظرْ مضمراً، فهذه سبعة أوجه في ناصب " يوم ". قال القرطبي: أو منصوب بـ " خُشَّعاً " أو على حذف حرف الفاء وما عملت فيه من جواب الأمر تقديره: فتول عنهم فإن لهم يوم يدع الدَّاعِ. وقيل: أي تول عنهم يا محمد فقد أقمت الحجة، وأبصرتهم يوم يدع الداع. وقيل: أعرض عنهم يوم القيامة ولا تسأل عنهم وعن أحوالهم فإنهم يدعون إلى شيء نكر وينالهم عذاب شديد كقولك: لا تَسَلْ ما جرى على فلان إذا أخبرته بأمر عظيم.

وقيل: أي وكل أمر مستقر يوم يدع الداعي. وحذفت الواو من " يَدْعُ " خَطًّا اتباعاً للفظ كما تقدم في " تغن " ووَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } [الشورى: 24] وشبهه. والياء من " الدَّاع " مبالغة في التخفيف إجراء " لأل " مُجْرَى ما عاقبها وهو التنوين، فكما تحذف الياء مع التنوين كذلك مع ما عاقبها.

قوله: " الدَّاعِي " معرف كالمنادي في قوله:يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } [ق: 41]؛ لأنه معلوم قد أخبر عنه فقيل: إن منادياً ينادي وداعياً يدعو.

قيل: الداعي: إسرافيل ينفخ قائماً على صخرة بيت المقدس، قاله مقاتل.

وقيل: جبريل.

وقيل: ملك يوكَّل بذلك. والتعريف حينئذ لا يقطع حدّ العلمية ويكون كقولنا: جَاءَ رَجُلٌ فَقَال الرَّجُلُ. قاله ابن الخطيب.

قوله: { إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } العامة على ضم الكاف، وهو صفة على فُعُلٍ، وفُعُلٌ في الصِّفات عزيزٌ منه: أمرٌ نُكُرٌ، ورجل شُلُلٌ وناقة أُجُدٌ، ورَوضةٌ أُنُفٌ ومِشْيَةٌ سُجُحٌ.

وقرأ ابن كثير بسكون القاف، فيحتمل أن يكون أصلاً، وأن يكون مخففاً من قراءة الجماعة.

السابقالتالي
2 3 4