الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ }

قوله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } قال ابن عباس (رضي الله عنهما) في رواية الوالبيِّ العَوْفِيِّ يعني الثُّرَيَّا إذَا سقطت وغابت. وهُوِيُّهُ مَغِيبُهُ. والعرب تسمي " الثُّرَيَّا " نَجْماً قال قائلهم:
4538- إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ عِشَاءَا   ابْتَغَى الرَّاعِي كِسَاءَا
وجاء في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً: مَا طَلَعَ النَّجْمُ قَطّ وَفِي الأَرْضِ مِنَ العَاهَةِ شَيْءٌ إِلاَّ رُفِعَ.

وأراد بالنجم الثريا. قال شهاب الدين: وهذا هو الصحيح لأن هذا صار علماً بالغلبة ومنه قول العرب:
4539- طَلَعَ النَّجْم غُدَيَّهْ   فَابْتَغَى الرَّاعِي كُسَيَّهْ
وقال عمر بن أبي ربيعة:
4540- أحْسَنُ النَّجْم فِي السَّمَاءِ الثُّرَيَّا   وَالثُّرَيَّا فِي الأَرْضِ زَيْنُ النِّسَاءِ
يقال: إنها سبعة أنجم ستةٌ منها ظاهرة وواحدٌ خفي يمتحن الناس به أبصارهم. وروى القاضي عِياضٌ في " الشِّفا " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرى الثريا أحد عشر نجماً. وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب. لفظه واحد ومعناه الجمع. سمي الكوكب نجماً لطلوعه، وكل طالع نجم، يقال: نَجَم السِّنُّ والقَرْن والنَّبْتُ إذا طَلَعَ. وروى عكرمة عن ابن عباس - (رضي الله عنهما) - أنها ما يرمى به الشياطين عند استراقهم السمع. وقال أبو حمزة الثُّماليُّ: هي النجوم إِذا اسْتَتَرَتْ يوم القيامة. وقيل المراد بالنجم هنا الجِنْس.

قال الشاعر - (رحمة الله عليه -):
4541- فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْم فِي مُسْتَحِيرَةٍ   سِرِيع بِأَيْدِي الآكِلينَ جُمُودُهَا
أي تَعُدُّ النجوم. وهذا هو معنى قول مجاهد المتقدم. وقيل: المراد بالنجم الشِّعْرَى؛ لقوله:وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } [النجم: 49]. وقيل: الزهرة؛ لأنها كانت تُعْبَدُ. وقيل: أراد بالنجم القرآن، لأنه نزل نجوماً متفرقاً في عشرين سنة. وسمي التفريق تنجيماً والمفرق منجماً. قاله الكلبي ورواه عطاء عن ابن عباس. والهويُّ النزول من أعلى إلى أسفل. وقال الأخفش: النجم هو النبت الذي لا ساق له ومنه قوله - عَزَّ وجَلَ -وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [الرحمن: 6]. وهُوِيُّهُ سقوطه على الأرض. وقال جعفر الصادق: يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - إِذ نزل من السماء ليلة المعراج. والهويُّ النزول، يقال هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا. والكلام في قوله: " والنجم " كالكلام في قوله: " والطُّورِ " حيث لم يقل: وَالنُّجُوم ولا الأَطْوَار وقال:وَٱلذَّارِيَاتِ } [الذاريات: 1]وَٱلْمُرْسَلاَتِ } [المرسلات: 1] كما تقدم.

فصل

السور التي تقدمت وافتتاحها بالقسم بالأشياء دون الحروف هي " الصَّافَّات " ، و " الذَّارِيَات " و " الطُّور " وهذه السورة بعدها فالأولى أن يقسم لإثبات الوحدانية كما قال:إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } [الصافات: 4] وفي الثانية أقسم لوقوع الحشر والجزاء كما قال تعالى:إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ } [الذاريات: 5 و 6] وفي الثالثة لدوام العذاب بعد وقوعه كما قال تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد