الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ }

قوله: { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ } " يومهم " مفعول به لا ظرف. وقرأ أبو حيوة: يَلْقُوا مضارع لَقِيَ ويُضْعِفُ أن يكون المفعول محذوفاً و " يَوْمَهم " ظرف أي يلاقوا أو يلقوا جزاء أعمالهم في يَوْمِهِمْ.

فصل

قوله: " فذرهم " كقوله:فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } [الأنعام: 68]،وَتَوَلَّ عَنْهُمْ } [الصافات: 178] إلى غير ذلك. فقيل: كلها منسوخة بآيات القتال. وهو ضعيف. وإنما المراد التهديد كقول السيد لعبده الجاني لمن ينصحه: دَعْهُ فإنه سَيَنَالُ جِنَايَتَهُ.

قوله: { ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } قرأ ابنُ عامر وعاصم بضم ياء يصعقون مبنياً للمجهول. وباقي السبعة بفتحها مبنياً للفاعل. وقرأ أبو عبد الرَّحْمَنِ: بضم الياء وكسر العين.

فأما الأولى: فيحتمل أن تكون من صُعِقَ فهو مَصْعُوق مبنياً للمفعول. وهو ثلاثي حكاه الأخفش، فيكون مثل سُعِدُوا وأن يكون من أَصْعَقَ رُبَاعِيًّا، يقال: أُصْعِقَ فهو مُصْعَقٌ. قاله الفارسي. والمعنى أن غيرَهم أَصْعَقَهُمْ.

وقراءة السلمي تؤذن أن أفْعَلَ بمعنى فَعِلَ. ومعنى يصعقون أي يموتون أي حتى يعاينوا الموت.

وقوله: { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ } يوم بدل من " يَوْمَهُمْ ".

وقيل: ظرف " يُلاَقُوا ".

فإن قيل: يلزم منه أن يكون اليومُ في يوم فيكون اليومُ ظرفَ الْيَوْمِ؟

فالجواب: هو على حدّ قولك: يأتي يَوْمُ قتل فلان يَوْمَ تَبين جَرائِمُهُ. قاله ابن الخطيب. وقوله { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي لا ينفعهم كيدهم يوم الموت ولا يمنعهم من العذاب مانعٌ.

قوله: { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يجوز أن يكون من إتباع الظاهر موقع المضمر وأن لا يكون كما تقدم. والمعنى وإن للذين ظلموا أي كفروا { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } أي عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة. قال ابن عباس - (رَضِيَ الله عنهما) - يعني القتل يوم بدر.

وقال الضحاك: هو الجوع والقحط سَبْعَ سنين. وقال البراءُ بن عازب: عذاب القبر.

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن العذاب نازل بهم.

والمراد بالظلم هنا هو كيدهم نَبِيَّهم - عليه الصلاة والسلام - وهم أهل مكة. وقيل: ظلموا بعبادة غير الله فيكون عاماً في كل ظالم. والإشارة بقوله: " ذَلِكَ " إلى اليوم الذي فيه يُصْعَقُونَ.

ومقعول " يعلمون " يجوز أن يكون ما تقدم، ويجوز أن يكونَ لا مفعولَ له أي أكثرهم غافِلونَ جَاهِلُون.

قوله تعالى { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ }. أي إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمت عليهم " فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " قراءة العامة بالفك، وأبو السَّمَّال بإدغام النون فيما بعدها. وناسب جمع الضمير هنا جمع العين ألا تراه أفرد حَيْثُ أفردها في قوله:وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [طه: 39]. قاله الزمخشري. والمعنى: فَإنك بِمرأًى مِنَّا.

قال ابن عباس: نَرَى ما يُعْمَلُ بك. وقال الزجاج: إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مَكْرُوهِكَ.

السابقالتالي
2 3