الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ }

قوله تعالى: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ... } الآية ذكر المكذبين تذكيراً لهم بحالهم وأنذرهم بإهلاكهم، وفيه تسلية للرسول، وتنبيه بأن حالَهُ كحال من تقدمه من الرسل كُذبوا وصَبَرُوا فأهلك الله مكذّبيهم ونصرهم. والمراد بأصحاب الرَّسِّ قيل: هم قوم شعيب، وقيل: الذين جاءهم من أقصى المدينة رجل يسعى وهم من قوم عيسى - عليه الصلاة والسلام - وقيل: هم أصحاب الأخْدود والرس إمَّا موضع نسبوا إليه، أو فَعْل وهو حَفْرُ البئر، يقال رسَّ إذا حفر بئراً. وقد تقدم في الفرقان. وقال ههنا: " قوم نوح " ، وقال: " إخوان لوط "؛ لأن لوطاً كان مرسلاً إلى طائفة من قوم إبراهيم هم معارف لوط، ونوح كان مرسلاً إلى خلْق عظيمٍ، وقال: " فرعون " ولم يقل: " قوم فرعون " ، وقال: " قوم تبع "؛ لأن فرعون كان هو المعتبر، المستبدّ بأمره، وتبَّع كان معتضداً بقومه فجعل الاعتبار لفرعون وخصه بالذكر. وتبع هو تبع الحِمْيرِيّ، واسمه سعد أبو كرب. قال قتادة: ذم الله قوم تبع ولم يذمه وتقدم ذكره في سورة الدخان.

قوله: " الأَيْكَة " تقدم الكلام عليها في الشعراء. وقرأ ههنا لَيْكَةَ - بزنة ليلة - أبو جعفر وشيبةُ، وقال أبو حيان: وقرأ أبو جعفر وشيبة وطلحة ونافع الأيكة - بلام التعريف - والجمهور لَيْكَة. وهذا الذي نقله غفلة منه بل الخلاف المشهور إنما هو في سورة الشعراء و " ص " كما تقدم تحقيقه وأما هنا فالجمهور على لام التَّعرِيْف.

قوله: " كُلٌّ " التنوين عوض عن المضاف إليه. وكان بعض النحاة يُجيزُ (حَذْفَ) تنوينها وبناءَها على الضم كالغاية نحو: قَبْلُ وبَعْدُ. واللام في الرسل قيل لتعريف الجنس وهو أن كل واحد كذب جميع الرسل وذلك على وجهين:

أحدهما: أن المكذب للرسول مكذب لكل الرّسل.

وثانيهما: أن المذكورين كانوا منكرين للرسالة والحشر بالكلية.

قوله: " فَحَقَّ وَعِيدِ " أي وجب لهم عذابي أي ما أوعد الله تعالى من نُصرة الرسل عليهم وإهلاكهم.