الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } * { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ }

قوله تعالى: { قۤ } قال ابن عباس - (رضي الله عنهما) - هو قَسَمٌ. وقيل: اسم السورة. وقيل اسم من أسماء القرآن. وقال القرطبي: هو مفتاح اسمه قدير، وقادر، وقاهر وقريب وقابض. وقال عكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زُمُرَّدَةٍ خَضْراءَ ومنه: خُضْرَةُ السماء. والسماء مَقْبِيَّةٌ عليه، وعليه كتفاها ويقال: هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنةٍ. وقيل: معناه قضِي الأمر وقضي ما هو كائن، كما قالوا في حم (حم الأمر)، وفي ص: صدق الله، وقيل هو اسم فاعل من قَفَا يَقْفُوهُ.

فصل

قال ابن الخطيب، لما حكى القول بأن " ق " اسم جبل محيط بالأرض عليه أطواق السماء قال: وهذا ضعيف لوجوه:

أحدها: أن أكثر القراء يقف عليها، ولو كان اسم جبل لما جاز الوقف في الإدراج لأنَّ من قال ذلك قال بأن الله تعالى أقسم به.

وثانيها: لو كان كذلك لذكر بحرف القسم كقوله تعالى:وَٱلطُّورِ } [الطور: 1]، ونحوه؛ لأن حرف القسم يحذف حيث يكون المقسم به مستحقاً لأنْ يُقْسَمَ بِهِ، كقولنا: " اللَّه لأَفْعَلَنَّ كَذَا " فاستحقاقه له يغني عن الدلالة عليه باللفظ ولا يحسن أن يقال: زَيْد لأَفْعَلَنَّ كَذَا.

ثالثها: أنه لو كان كما ذكر لكان يكتب قاف مع الألف والفاء كما يكتب:عَيْنٌ جَارِيَةٌ } [الغاشية: 12]، ويكتبأَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر: 36] وفي جميع المصاحف يكتب حرف " ق ".

رابعها: أن الظاهر كون الأمر فيه كالأمر في " ص " و " ن " و " حم " وهي حروف لا كلمات فكذلك في " ق ".

فإن قيل: هو منقول عن ابن عباس - (رضي الله عنهما) -.

نقول: المنقول عنه: أن قاف اسم جبل، وأما أن المراد ههنا ذلك فَلاَ.

فصل

قال ابن الخطيب: هذه السورة وسورة ص يشتركان في افتتاح أولهما بالحرف المعجم والقسم بالقرآن بعده وقوله بعد القسم: بل والتعجب. ويشتركان أيضاً في أن أول السورتين وآخرهما متناسبات لأنّه تعالى قال في أول السورة:صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } [ص: 1] وفي آخرها:إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ص: 87] وقال في أولِ ق: " وَالقُرْآنِ المَجِيدِ " ، وقال في آخرها:فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ق: 45]، فافتتح بما اختتم به. وأيضاً في أول ص صرف العناية إلى تقرير الأصل الأول وهو التوحيد لقوله تعالى:أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } [ص: 5] وفي هذه السورة صرف العناية إلى تقرير الأصل الآخر وهو الحشر فقال تعالى: { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } ، فلما كان افتتاح سورة " ص " في تقرير المبدأ قال في آخرها:إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9