الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }

لمَّا تكلم مع اليهود شَرَعَ في الكلام هَاهُنا مع النَّصارى.

فحكى عَنْ فَريقٍ مِنْهُم أنَّهُمْ قالوا: { إِنَّ اللَّهَ هُوَ المسيحُ ابْنُ مَرْيَم } وهذا قول المَلْكَانِيَّة واليَعْقُوبِيَّة؛ لأنهم يَقُولُون: إنَّ مَرْيم ولدَت إلهاً، ولعلَّ معنى هذا المَذْهَب أنَّهُمْ يقولون: إنَّ الله تعالى حَلَّ في ذَاتِ عيسى واتّحد بِذاتِ عيسى، ثم حكى - سبحانه وتعالى - عن المسيح أنَّهُ قال: { يَٱبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } ، وهذا تنبيه على ما هُوَ الحُجَّةُ القَاطِعَةُ على فسَاد قول النَّصَارى؛ وذلك لأنَّه - عليه الصَّلاةُ والسلام - لم يُفَرِّقْ بينه وبين غيره، في أنَّ دلائل الحُدُوثِ ظَاهِرَةٌ عليه، ثم قال تعالى: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } ومعْنَاهُ ظاهرٌ واحتَجَّ أهْلُ السُّنَّةِ بهذا على أنَّ عِقَابِ الفُسَّاقِ لا يكون مُخَلَّداً قالوا: لأنَّه تعالى جَعَل أعظم أنواع الوعيدِ والتَّهْديد في حَقِّ المُشْرِكينِ، وهو أنَّ اللَّه - تعالى - حَرَّم عليهم الجَنَّة ومأوَاهُمُ النَّار، وأنَّهُ ليس لهم نَاصِرٌ يَنْصُرهُم، ولا شَافِعٌ يَشْفَعُ لهُمْ، فلو كان حال الفُسَّاقِ من المُؤمنين كَذَلِك لما بَقِي لتهْدِيدِ المُشركين على شِرْكِهِم بهذَا الوعيد فائدة.