الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله: " وترى ": يجوز أن تكون بصريَّةً، فيكون " يُسَارِعُونَ " حالاً، وأن تكون العلميَّةَ أو الظنيَّة، فينتصب " يُسَارِعُونَ " مفعولاً ثانياً، و " مِنْهُمْ " في محلِّ نصب؛ على أنه صفةٌ لـ " كَثِيراً " فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، أي: كائناً منهم، أو استقرَّ منهم، وقرأ أبو حيوة: " العِدْوان " بالكسر، و " أكْلِهِمُ " هذا مصدرٌ مضافٌ لفاعله، و " السُّحْتَ " مفعولُه، وقد تقدَّمَ ما فيه.

فصل

الضَّميرُ في " مِنْهُمْ " لليهُود، والمُسَارعة في الشَّيْءِ الشُّرُوعُ فيه، والمُراد بالإثْمِ الكذِب، وقيل: المَعَاصِي، والعُدْوَان الظُّلْم، وقيل: الإثْمُ ما يخْتَصُّ بهم، والعُدْوانُ ما يتعدَّاهُمْ إلى غيرهم، وقيل: الإثْمُ ما كتمُوا من التَّوْراة، والعُدْوان ما زَادُوا فيها، " وأكْلِهِمُ السُّحْتَ " الرِّشْوَة.

وقوله تعالى: " كَثِيراً مِنْهُم " لأنَّهمُ كُلُّهُمْ ما كانُوا يَفْعَلُون ذَلِكَ، لَفْظ المُسارعة إنما [يُسْتَعْمَلُ] في أكْثَرِ الأمْر في الخَيْرِ، قال تعالى:وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } [آل عمران: 114] وقال تعالى:نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } [المؤمنون: 56] فكان اللاَّئِقُ بهذا الموضِعِ لفظ العَجَلَةِ.

فإن قيل: إنَّه تعالى ذكر المُسارعة [لفائدة؛ وهي أنَّهم] كانوا يُقْدِمُون على هَذِهِ المُنْكَرَات [كأنهم مُحِقُّون] فيها وقد تقدَّم حُكْمُ " مَا " مع بِئْسَ ونِعْمَ.