الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }

قد تقدم الكلام على " أنَّ " الواقعة بعد " لو " على أنَّ فيها مَذْهَبيْن.

و " لَهُمْ " خبر لـ " أنَّ " ، و { مَا فِي الأرْض } اسمها، و " جميعاً " توكيد لهُ، أو حال منه و " مِثلَه " في نَصْبِه وجهان:

أحدهما: عطف على اسم " أن " وهو " مَا " الموصولة.

والثاني: أنه منصُوب على المَعِيَّة، وهو رأي الزَّمخْشَرِي، وسيأتي ما يرد على ذلك والجوابُ عنه.

و " معهُ " ظرف واقع موقع الحال.

[ " واللام " ] متعلِّقة بالاستِقْرَار الذي تعلَّق به الخبر، وهو " لَهُمْ ".

و " به " و " مِنْ عذاب " متعلِّقان بالافْتِدَاء، والضَّمير في " بِهِ " عائدٌ على " مَا " الموصولة، وجيء بالضَّمِير مُفْرَداً وإن تقدَّمه شَيْئَان وهما { مَا فِي الأرْض } و " مِثْلَهُ " ، إما لتلازُمهمَا فهما في حُكْم شيء واحد؛ وإما لأنَّه حذف من الثَّانِي لدلالة ما في الأوَّل عليه، كقوله رحمة الله عليه: [الطويل]
1960-......................   فَإنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
أي: لو أنَّ لهم ما في الأرض لِيَفْتَدُوا به، ومثله معه ليفْتَدُوا به وإما لإجراء الضمير مُجْرَى اسم الإشارة، كقوله: [الرجز]
1961-...................   كَأنَّهُ فِي الجِلْدِ...........
وقال بعضهم: ليفْتَدُوا بذلك المَال.

وقد تقدم في " البقرة ".

و " عذاب " بمعنى: تَعْذِيب بإضافته إلى " يَوْم " خرج " يَوْم " عن الظرفية، و " مَا " نَافِية وهي جواب " لَوْ " ، وجاء على الأكْثَر من كونِ الجواب النَّفي بغير " لام " ، والجملة الامْتِنَاعية في محل رفع خبراً لـ " إن " ، وجعل الزَّمَخْشَرِيُّ توحيد الضَّمير في " بِهِ " لمَدْرك آخر، وهو أنَّ " الوَاو " في " ومِثْلَهُ " [واو " مع " قال بعد أن ذكر الوجهين المتقدمين: ويجُوزُ أن تكُونَ الواوُ في " ومِثله " ] بمعنى " مَعَ " فيتوحد المَرْجُوع إليه.

فإن قُلْتَ: فبم يُنْصب المَفْعُول معه؟.

قلت: بما تسْتَدْعِيه " لَوْ " من الفعل؛ لأن التَّقدير: لو ثبت أنَّ لَهُمْ ما في الأرض، يعني: أنَّ حكم ما قبل المفعُول معه في الخَبَرِ والحَالِ، وعود الضَّمِير حكمه لو لم يكن بعده مفعول معه، تقول: " كُنْتُ وَزَيْدَاً كالأخِ " قال الشاعر: [الطويل]
1962- فَكَانَ وَإيَّاهَا كَحَرَّانَ لَمْ يُفِقْ   عَنِ المَاءِ إذْ لاَقَاهُ حَتَّى تَقَدَّدَا
فقال: " كَحَرَّان " بالإفْرَاد ولم يقُلْ: " كحرَّانَيْن " ، وتقول: " جَاءَ زَيْدٌ وهنْداً ضاحِكاً في داره ".

وقد اختار الأخْفَشُ أن يُعطى حُكْم المُتَعَاطفين، يعني: فَيطَابق الخبر، والحَال، والضمير له ولما بَعْده، فتقول: " كُنْتُ وَزيْداً كالأخوين ".

السابقالتالي
2 3 4