الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

قوله: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } يجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر؛ لأنه لما تقدم " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله " دل على ذلك المقدر، أي هو أي الرسول بالهُدَى محمد و " رسول الله " بدل أو بيان، أو نعت. وأن يكون مبتدأ وخبراً، وأن يكون مبتدأ و " رسول الله " على ما تقدم من البيان والبدل، والنعت " والذين معه " عطف على محمد والخبر " عَنْهم ".

قوله: { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ } (قال ابن الخطيب: كأنه قال: " والذين معه " جميعهم { أشداء الكفار رحماء بينهم } لأن وصف الشدة والرحمة وجد في جميعهم، أما في المؤمنين فقوله تعالى:أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [المائدة:54] وأما في حق النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقوله تعالى:وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [التوبة:73]. وقال في حقه:بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة:128].

وعلى هذا فقوله: " تَرَاهُمْ " لا يكون خطاباً مع النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بل يكون عاماً خرج مَخْرَج الخطاب تقديره تراهم أيها السامع كائناً من كان). وقرأ ابن عامر في رواية: رَسُولَ اللهِ بالنصب على الاختصاص وهي تؤيد كونه تابعاً لا خبراً حالة الرفع.

ويجوز أن يكون " وَالَّذِينَ مَعَهُ " على هذا الوجه مجروراً عطفاً على الجلالة أي ورسول الذين آمنوا معه لأنه لما أرسل إليهم أضيف إليهم فهو رسول الله بمعنى أن الله أرسله ورسول أمته بمعنى أنه مرسل إليهم ويكون " أشداء " حينئذ خبر مبتدأ مضمرم أي هُمْ أَشِدَّاءُ. ويجوز أن يكون تَمَّ الكلامُ على " رَسُول اللهِ " و " الَّذين مَعَهُ " و " أشِدَّاء " خبره. وقرأ الحسن: أشِدَّاءَ رُحَمَاءَ بالنصب إما على المَدْح وإمَّا على الحال من الضمير المستكِنّ في " مَعَهُ "؛ لوقوعه صلة، والخبر حينئذ عن المبتدأ قوله " تَرَاهُمْ ركعاً " و " رُكَّعاً سُجَّداً " حالان؛ لأن الرؤية بصرية، وكذلك " يَبتَغُونَ ". ويجوز أن يكون مستأنفاً. وإذا كان حالاً فيجوز أن تكون حالاً ثالثة من مفعول " تَرَاهُمْ " وأن تكون من الضمير المستتر في " رُكَّعاً سُجَّداً ". وجوز أبو البقاء أن يكون " سُجَّداً حالاً من الضمير في " رُكَّعاً " حالاً مقدرةً. فعلى هذا يكون " يَبْتَغُونَ " حالاً من الضمير " سُجَّداً " ، فيكون حالاً من حال، وتلك الحال الأولى حالٌ من حالٍ أخرى. وقرأ ابن يَعْمُرَ أَشِدَّا ـ بالقصر ـ. والقَصْرُ من ضرائر الأشعار كقوله:
4497ـ لاَ بُـدَّ مِـنْ صَنْعَـا وإنْ طَـالَ السَّفَـرْ   ..............................
فلذلك كانت شاذة. وقال أبو حيان: وقرأ عمرو بن عبيد: ورُضْوَاناً بضم الراء قال شهاب الدين: وهذه قراءة متواترة، قرأ بها عاصمٌ في رواية أبي بكر عنهُ، وتقدمت في سورة آل عمران واستثنيت له حرفاً واحداً وهو ثاني المائدة.

السابقالتالي
2 3 4 5