الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } * { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { حـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًى } تقدم الكلام على نظير ذلك. والمراد ههنا بالأجل المسمى يوم القيامة، وهو الأجل الذي ينتهي إليه السموات والأرض وهو إشارة إلى قيامها.

قوله: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ } يجوز أن تكون " ما " مصدرية أي عن إنذارهم أو بمعنى الذي أي عن الذي أُنذِرُوهُ و " عن " متعلقة بالإعراض و " مُعْرِضُون " خبر الموصول.

قوله: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ } حكم " أرأيتم ". ووقع بعد هذه " أََرُونِي " فاحتملت وجهين:

أحدهما: أن تكون توكيداً لها، ولأنهما بمعنى أخبروني، وعلى هذا يكون المفعول الثاني (لأَرَأَيْتُمْ) قوله " مَاذَا خَلَقُوا " إلا أنه استفهام، والمفعول الأول هو قوله: " مَا تَدْعُونَ ".

الوجه الثاني: أن لا تكون مؤكدة لها وعلى هذا تكون المسألة من باب التنازع، لأن (أَرأَيْتُمْ) يطلب ثانياً و " أروني " كذلك، وقوله: " مَاذَا خَلَقُوا " هو المُتَنَازَعُ فيه، وتكون المسألة من إعمال الثاني، والحذف من الأول.

وجوز ابن عطية في " أَرأَيْتُم " أن لا يتعدى، وجعل " مَا تَدْعُونَ " استفهاماً معناه التوبيخ. وقال: " وتدعون " معناه تبعدون. وهذا رأي الأخفش، وقد قال بذلك في قوله:قَالَ أَرَءَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } [الكهف:63] وقد تقدم.

قوله: " مِن الأَرْضِ " هذا بيان للإبهام الذين في قوله: " مَاذَا خَلَقُوا ".

قوله: " أَمْ لَهُمْ " هذه " أم " المنقطعة، والشِّرْكُ المُشَارَكَةُ، وقوله: " مِنْ قَبْلِ هَذَا " صفة لِكِتَابٍ أي بكتاب منزل من قبلِ هذا، كذا قدرها أبو البقاء، والأحْسن أن يقدر كون مطلق أي كائن من قبل هذا.

قوله: " أَوْ أَثَارةٍ " العامة على أَثارة، وهي مصدر على فَعَالةٍ، كالسَّمَاحَةِ، والغَوايَةِ والضَّلاَلَةِ ومعناها البقية من قولهم: سمنت الناقة على أثارةٍ من لَحْم إذَا كانت سَمِينةً، ثم هزِلَتُ، وبقي بقية من شَحْمِهَا ثم سمنت. والأثارة غلب استعمالها في بقية الشرف، يقال: لِفُلانٍ أثارةٌ أي بقية شرف، وتستعمل في غير ذلك قال الراعي:
4449ـ وََذَاتِ أَثَـارَةٍ أَكَلَـت عَلَيْهَـا   نَبَاتـاً فـي أكَِمَّتِـهِ قَفَـاراً
وقيل: اشتقاقها من أثر كذا أي أسْنَدَهُ. ومنه قوله عمر: " ما خَلَّفْت به ذَاكِراً وَلاَ آثِراً " أي مسنداً له عن غيري. وقال الأعشى:
4450ـ إنَّ الَّـذِي فِيـهِ تَمَارَيْتُمَـا   بُيِّـنَ لِلسَّامِـعِ وَالآثِـرِ
وقيل: فيها غير ذلك. وقرأ عَلِيٌّ وابن عَبَّاسٍ وزيدُ بنُ عَلِيٍّ وعكرمةُ في آخرين: أَثَرَةٍ دون ألف. وهي الواحدة وتجمع على أَثَر، كقَتَرَةٍ، وقَتَرٍ. وقرأ الكسائي: أُثْرَةٍ، وإِثْرَة بضم الهمزة وكسرها مع سكون الثاء. وقتادة والسُّلَميّ بالفتح والسكون.

السابقالتالي
2 3