الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } * { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ... } لما بين أن كفار مكة يُصِرُّونَ على كفرهم بين أن كثيراً من المتقدمين أيضاً كانوا كذلك، وبين حصول هذه الصفة في أكثر قوم فرعون.

قوله: " وَلَقَدْ فَتَنَّا " بالتشديد على المبالغة، أو التكثير لكثرة متعلّقه. " وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ " يحتمل الاستئناف والحال.

فصل

قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) ـ: ابتلينا. وقال الزجاج: بلونا والمعنى: عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسول إليهم { وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } أي موسى بن عمران. قال الكلبي: كريم على ربه بمعنى أنه استحق على ربه أنواعاً كثيرة من الإكرام.

قوله تعالى: { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } يجوز أن تكون المفسرة، لتقدم ما هو بمعنى القول، وأن تكون المخففة، ومعناه: وجاءهم بأَنَّ الشأنَ والحَدِيثَ: أَدّوا إِلي عِبَادَ اللهِ، وأن تكون الناصبة للمضارع وهي توصل بالأمر وفي جعلها مخففة إشكال تقدم، وهو أن الخبر في هذا الباب لا يقع طلباً وعلى جعلها مصدرية تكون على حذف حرف الجر، أي جَاءَهُمْ بأَنْ أدَّوا و " عِباد الله " يحتمل أن يكون مفعولاً به وبذلك أنه طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل، بدليل قوله:فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [الأعراف:105] وأن يكون منادّى، والمفعول محذوف أي أعطوني الطاعة يا عباد الله. وعلل بأنه رسول أمين قد ائتمنه اله على وحيه ورسالته.

قوله: " وأَن لا تعلوا " عطلف على " أَنِ " الأولى، والمعنى لا تتكبّروا على الله بإهانة وحيه ورسولِهِ { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } بحجة بينة يعرف بصحتها كُلُّ عاقل.

والعامة على كسر الهمزة من قوله " إنِّي آتِيكُمْ " على الاستئناف. وقرىء بالفتح على تقدير اللام أي وأَنْ لاَ تَعْلُوا لأنِّي آتيكم.

قوله: { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } وقوله: " إنِّي عُذْتُ " مستأنف. وأدْغم الذال في التاء أبو عمرٍو والأَخَوَانِ. وقد مضى توجيهه في " طه " عند قوله: " فَنَبَذْتُهَا ".

فصل

قيل: إنه لما قال: { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ... } توعدوه بالقتل، فقال: وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون أي تقتلوني، وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن ترجموني بالقول وهم الشتم وتقولوا: هو ساحر. وقال قتادة: " تَرْجُمُونِي بالحِجَارة ". وإن لم تؤمنوا لي أي تصدقوني ولم تؤمنوا بالله، لأجل ما آتيتكم به من الحجة، فاللام في " لِي " لام الأجل " فَاعْتَزِلُون " أي اتركوني، لا مَعِي، ولا عَلَيَّ. وقال ابن عباس (رضي الله عنهما): فاعْتَزِلُوا أذايَ باليد واللسان.

قوه: " فَدَعَا رَبَّهُ " الفاء في " فدعا " تدل على أنه متصل بمحذوف قبله، وتأويله أنَّهُمْ كفروا ولم يؤمنوا فدعا موسى ربه بأن هؤلاء قَوْمٌ مُجْرِمُونَ.

السابقالتالي
2 3 4