الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } * { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } * { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } * { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } * { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }

قوله: { وَلَمَن صَبَرَ } الكلام في اللام كما تقدم: فإن جعلناها شرطية فإن جواب القسم المقدر، وحذف الشرط للدلالة عليه، وإن كانت موصولة، كان قوله: " إنَّ ذَلِكَ " هو الخبر. وجوز الحوفي وغيره أن تكون " مَنْ " شرطية و " إنَّ ذَلِكَ " جوابها على حذف الفاء على حدِّ حذفها في قوله:
4387ـ مَـنْ يَفْعَـل الحَسَنَـات.....     .............................
وفي الرابط قولان:

أحدهما: هو اسم الإشارة، إذا أريد به المبتدأ، ويكون حينئذ على حذف مضاف تقديره: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ ذَوِي عَزْمِ الأُمُورِ.

والثاني: أنه ضمير محذوف تقديره لمن عزم الأمور " منه أو له ". وقوله: { وَلَمَن صَبَرَ } عطف على قوله: " ولمن انْتَصَرَ " والجملة من قوله: " إنَّما السَّبِيلُ " اعتراض.

فصل

المعنى لمن صبر وغفر فلم يقتص وتجاوز، إن ذلك الصبر والتجاوز من عزم الأمور حقها وحزمها. قال مقاتل: من الأمور التي أمر الله بها. وقال الزجاج: الصابر يؤتى بصبره الثواب والرغبة في الثواب أتم عزماً.

قوله: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ } أي فليس له ناصر يتولاه من بعد إضلال الله إياه، وليس له من يمنعه من عذاب الله، وهذا صريح في جواز أن الإضلال من الله وأن الهداية ليست في مقدور أحد سوى الله.

قال القاضي: المراد: ومن يضلل الله عن الجنة لجنايته فما له من ولي من بعده ينصره. وأجيب بأن تقييد الإضلال بهذه الصور المعينة خلاف الدليل، وأيضاً فالله تعالى ما أضله عن الجنة في قولكم بل هو أضل نفسه عن الجنة.

قوله: { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } يوم القيامة { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } أي يطلبون الرجوع إلى الدنيا لعظم ما شاهدوا من العذاب.

ثم ذكر حالهم عند عرض النار. قوله: " يُعْرَضُونَ " حال، لأن الرؤية بصرية، و " خَاشِعِينَ " حال والضمير في " عَلَيْهَا " يعود على النار لدلالة العذاب عليها.

وقرأ طلحة: من الذِّلِّ ـ بكسر الذال ـ وقد تقدم الفرق بين الذَّل والذِّل و " مِنَ الذُّلِّ " يتعلق بخاشعين أي من أجل. وقيل: هو متعلق بينظرون. وقوله: " مِنْ طَرَفٍ " يجوز في " مِنْ " أن تكون لابتداء الغاية، وأن تكون تبعيضية وأن تكون بمعنى الباء، والظرف قيل: يراد به العضو وقيل: يراد به المصدر يقال: طرفت عينه تطرف طرفاً أي ينظرون نظراً خفيًّا.

فصل

اعلم أنه ذكر حالهم عند عرضهم على النار، فقال: خاشعين أي خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل يسارقون النظر إلى النار خوفاً منها وذلة في أنفسهم، كما ينظر المقتول إلى السيف فلا يقدر أن يملأ عينيه منه، ولا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها، وإذا كانت من بمعنى الباء أي بطرف خفي ضعيف من الذل.

السابقالتالي
2 3 4 5