الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } * { قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ }

قوله تعالى: { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ } في العامل في " إذْ " ثلاثةُ أوجه:

أحدها: أنه معطوف على " غُدُوًّا " فيكون معمولاً ليُعْرَضُونَ أي يعرضون على النار في هذه الأوقات كلها قاله أبو البقاء.

الثاني: أنه معطوف على قولهإِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } [غافر:18] قاله الطبري. وفيه نظر؛ لبُعْد ما بينهما، ولأن الظاهر عودُ الضمير من " يَتَحَاجُّونَ " إلى آل فرعون.

الثالث: أنه منصوب بإضمار اذكر.

قوله: " تبعاً " فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه اسم جَمْع لِتَابع، ونحوه: خَادِم وخَدَمٌ، وغَائبٌ وغَيَبٌ وآدمٌ وأَدَمٌ.

قال البغوي: والتَّبَعُ يكون واحداً وجَمعاً في قول أهل البَصْرة، واحده تابع. وقال الكوفيون: هو جمع لا واحد له و جمعه أتباع.

والثاني: أنه مصدر واقع موقع اسم الفاعل أي تابعين.

والثالث: أنه مصدر أيضاً ولكن على حذف مضاف أي ذَوِي تَبَعٍ.

قوله: " نَصِيباً " فيه ثلاثةُ أوجه:

أحدها: أن ينتصب بفعل مقدر به عليه قوله: " مُغْنُونَ " تقديره: هل أنتم دَافِعُونَ عَنَّا.

الثاني: أن يُضَمَّن مُغْنُونَ معنى حَامِلينَ.

الثالث: أن ينتصب على المصدر، قال أبو البقاء: كَما كَانَ " شَيءٌ " كذلك، ألا ترى إلى قوله:لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [آل عمران:10] " فَشَيْئاً " في موضع " غِنًى " فكذلك " نصيباً " و " من النار " صفة لـ " نصيباً ".

قوله: { إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ } العامة على رفع " كُلٌّ " ورفعه على الابتداء و " فِيهَا " خبره والجملة خبر " إنَّ " ، وهذا كقوله في آل عمران:قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } [آل عمران:154]، في قراءة أبي عمرو. وقرأ ابن السّميْقَع وعيسى بْنُ عُمَرَ بالنصب، وفيه ثلاثةُ أوجه:

أحدها: أن يكون تأكيداً لاسم إن، قال الزمخشري: توكيد لاسم إن، وهو معرفة، والتنوين عوض من المضاف إليه، يريد: إنا كًُلَّنَا فيها انتهى، يعني فيكون " فيها " هو الخبر، وإلى كونه توكيداً ذهب ابْنُ عطيةَ أيضاً.

ورد ابن مالك هذا المذهب فقال في تَسْهِيلِهِ: " ولا يستغني بنية إضافته خلافاً للزمخشري ".

قال شهاب الدين: " وليس هذا مذهباً للزمخشري وحده بل هو منقول عن الكوفيين أيضاً ".

والثاني: أن تكون منصوبة على الحال، قال ابن مالك: والقول المَرْضِيُّ عندي أنّ " كُلاًّ " في القراءة المذكورة منصوبة على الحال من الضمير المرفوع في " فِيهَا " و " فيها " هو العامل؛ وقد قدمت عليه مع عدم تصرفه، كما قدمت في قراءة مَنْ قَرَأَ:وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ } [الزمر:67].

وفي قول النَّابِغَةِ:
4342ـ رَهْطُ ابْنِ كُوزٍ مُحْقِبِي أدْرَاعِهِمْ     فِيهِمْ وَرَهْطُ رَبِيعَة بْنِ حُذَارِ

السابقالتالي
2 3 4 5